لما اشهدناك، ولا يقال في غير ذلك. والفقه: الفطنة. وقال عيسى بن عمر: قال لي أعرابي شهدت عليك بالفقه. أي: بالفطنة. وفي (المحكم): الفقه العلم بالشيء والفهم له، وغلب على علم الدين لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلوم، والأنثى: فقيهة من نسوة فقهاية، وحكى اللحياني: من نسوة فقهاء، وهي نادرة. وكأن قائل هذا من العرب لم يعتد بهاء التأنيث، ونظيرها نسوة فقراء، وفي (الموعب) لابن التيامي: فقه فقها مثال: حذر إذا فهم، وافقهته إذا بينت له. وقال ثعلب: القرآن أصل لكل علم به فقه العلماء، فمن قال: فقه فهو فقيه، مثال: مرض فهو مريض، وفقه فهو فقيه، ككرم وظرف فهو كريم وظريف. وفي (الصحاح): فاقهته إذا باحثته في العلم. وفي (الجامع) لأبي عبد الله: فقه الرجل تفقه فقها فهو فقيه. وقيل: أفصح من هذا فقه يفقه مثل علم يعلم علما، والفقه علم الدين، وقد تفقه الرجل تفقها كثر علمه، وفلان ما يتفقه ولا يفقه، أي: لا يعلم ولا يفهم، وقالوا: كل عالم بشيء فهو فقيه به، وفي (الغريبين): فقه: فهم، وفقه: صار فقيها. وقال ابن قتيبة: يقال للعلم الفقه لأنه عن الفهم يكون، والعالم فقيه لأنه إنما يعلم بفهمه على تسمية الشيء بما كان له سببا. وقال ابن الأنباري: قولهم: رجل فقيه، معناه: عالم. قوله: (قاسم) اسم فاعل من قسم الشيء يقسمه قسما، بالفتح، والقسم، بالكسر، الحظ والنصيب، وبالفتح أيضا هو: القسمة بين النساء في البيتوتة، والقسم، بفتحتين: اليمين. والقسمة الاسم. قوله: (ولن تزال): الفرق بين: زال يزال، وزال يزول هو أن الأول من الأفعال الناقصة، ويلزمه النفي بخلاف الثاني، والأمة: الجماعة. قال الأخفش: هو في اللفظ واحد، وفي المعنى جمع. وكل جنس من الحيوان أمة. وفي الحديث: (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها). والأمة القامة، والأمة الطريقة والدين. وقوله تعالى: * (كنتم خير أمة) * (آل عمران: 110) قال الأخفش: يريد أهل أمة، أي: خير أهل دين، والأمة الحين. قال تعالى: * (واذكر بعد أمة) * (يوسف: 45) وقال: * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) * (هود: 8) والأمة، بالكسر، لغة في الأمة، والأمة، بالكسر أيضا: النعمة، والأمة، بالضم: الملك أيضا، وأتباع الأنبياء أيضا. والأمة: الرجل الجامع للخير أيضا، والأمة: الأم، والأمة: الرجل المنفرد برأيه لا يشاركه فيه أحد.
بيان الإعراب: قوله: (سمعت معاوية)، فيه حذف المسموع، لأن المسموع هو الصوت لا الشخص. قال الزمخشري: تقول سمعت رجلا يقول كذا، فتوقع الفعل على الرجل، وتحذف المسموع لأنك وصفته بما يسمع، أو جعلته حالا عنه فاغناك عن ذكره، ولولا الوصف أو الحال لم يكن منه بد أن يقال: سمعت قول فلان. قوله: (خطيبا) نصب على الحال من معاوية. وقال الكرماني: حال من المفعول لا من الفاعل، لأنه أقرب. ولأن الخطبة تليق بالولاة. قلت: لا يبادر الوهم قط ههنا إلى كون حميد هو الخطيب حتى يعلل بهذين التعليلين، ولو قال مثل ما قلنا لكان كفى. قوله: (يقول) جملة في محل النصب على الحال. وقوله: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم) مقول القول، وقوله: يقول، أيضا حال. وقوله: (من)، موصولة يتضمن معنى الشرط، فلذلك جزم: يرد، و: يفقه، لأنهما فعل الشرط والجزاء. قوله: (إنما)، من أداة الحصر، و: أنا، مبتدأ، و: قاسم، خبره. وقوله: (والله) أيضا مبتدأ، ويعطي خبره، والجملة تصح أن تكون حالا. قوله: (ولن تزال) كلمة: لن، ناصبة للنفي في الاستقبال، وتزال من الأفعال الناقصة. وقوله: (هذه الأمة) اسمه: وقائمة، خبره. قوله: (لا يضرهم) جملة من الفعل والمفعول، وقوله: (من) فاعله، وهي موصولة، و: خالفهم، جملة صلتها. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة، أعني قوله: لا يضرهم من خالفهم؟ قلت: حال، وقد علم أن المضارع المنفي، إذا وقع حالا يجوز فيه الواو وتركه. قوله: (حتى) غاية لقوله: لن تزال، فإن قلت: حكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها، فيلزم منه أن يوم القيامة لا تكون هذه الأمة على الحق، وهو باطل. قلت: المراد من قوله: (على أمر الله) هو التكاليف، ويوم القيامة ليس زمان التكاليف، والأحسن أن يقال: ليس المقصود منه معنى الغاية، بل هو مذكور لتأكيد التأبيد، نحو قوله تعالى: * (ما دامت السماوات والأرض) * (هود: 107 108) ويقال: حتى، للغاية على أصله، ولكنه غاية لقوله: لا يضرهم، لأنه أقرب. والمراد من قوله: (حتى يأتي أمر الله) حتى يأتي بلاء الله فيضرهم حينئذ، فيكون ما بعدها مخالفا لما قبلها، أو يكون ذكره لتأكيد عدم المضرة، كأنه قال: لا يضرهم أبدا.، والمراد قوله: حتى يأتي أمر الله يوم القيامة، والمضرة لا تمكن يوم القيامة، فكأنه قال: لا يضرهم من خالفهم أصلا. فإن قلت: إذا جاء الدجال مثلا، وقتلهم فقد ضرهم. قلت: على تفسير أمر الله ببلاء الله ظاهر لا يرد شيء، وعلى التفسير بيوم القيامة، يقال: ليس ذلك مضرة في الحقيقة، إذ