أنواع. الأول: في اسمه: فذكر ابن قتيبة في (المعارف): عن وهب بن منبه أنه: بليا، بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وبالياء آخر الحروف. ويقال: إبليا، بزيادة الهمزة في أوله، وقيل اسمه: خضرون، ذكره أبو حاتم السجستاني. وقيل: ارميا، وقيل: اسمه: اليسع قاله مقاتل، ويسمى بذلك لأن علمه وسع ست سماوات وست أرضين، ووهاه ابن الجوزي، واليسع اسم أعجمي ليس بمشتق. وقيل اسمه: أحمد، حكاه القشيري، ووهاه ابن دحية، فإنه لم يسم أحد قبل نبينا، عليه السلام، بذلك. وقيل: عامر، حكاه ابن دحية في كتابه (مرج البحرين)، والأول هو المشهور، والخضر، بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمة، لقبه. ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء وفتحها كما في نظائره. الثاني: في سبب تلقيبه بذلك: وهو ما جاء في الصحيح في كتاب الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، قال: إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء، والفروة وجه الأرض. وقيل: النبات المجتمع اليابس، وقيل: سمي به لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله، قاله مجاهد. وقال الخطابي: إنما سمي به لحسنه وإشراق وجهه، وكنيته أبو العباس. الثالث في نسبه: فقال ابن قتيبة: هو بليا بن ملكان، بفتح الميم وسكون اللام، ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه الصلاة والسلام. وقيل: خضرون بن عماييل بن الفتر بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام. وقيل: هو ابن حلقيا، وقيل: ابن قابيل بن آدم، وذكره أبو حاتم السجستاني. وقيل: إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ملك مصر. وهذا غريب جدا. قال ابن الجوزي: رواه محمد بن أيوب عن أبي لهيعة وهما ضعيفان. وقيل: إنه ابن ملك، وهو أخو الياس، قاله السدي. وقيل: ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه، وروى الحافظ ابن عساكر عن سعيد بن المسيب أنه قال: الخضر أمه رومية، وأبوه فارسي. وروى أيضا بإسناده إلى الدارقطني: حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، حدثنا العباس بن عبد الله، حدثنا داود بن الجراح، حدثنا مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس قال: الخضر ابن آدم لصلبه، ونسىء له في أجله حتى يكذب الدجال، وهذا منقطع غريب. وقال الطبري: قيل: إنه الرابع من أولاده، وقيل: إنه من ولد عيصوا، حكاه ابن دحية. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه من سبط هارون، وكذا قال ابن إسحاق. وقال عبد الله بن مؤدب: إنه من ولد فارس. وقال بعض أهل الكتاب: إنه ابن خالة ذي القرنين. الرابع. في أي وقت كان: قال الطبري: كان في أيام أفريدون، قال: وقيل: كان مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان أيام إبراهيم الخليل، عليه الصلاة والسلام، وذو القرنين عند قوم هو أفريدون. ويقال: إنه كان وزير ذي القرنين، وإنه شرب من ماء الحياة. وذكر الثعلبي اختلافا أيضا: هل كان في زمن إبراهيم، عليه السلام، أم بعده بقليل أم بكثير، وذكر بعضهم أنه كان في زمن سليمان. عليه السلام. وأنه المراد بقوله: * (قال الذي عنده علم من الكتاب) * (النمل: 40) حكاه الداودي: ويقال: كان في زمن كستاسب بن لهراسب. قال ابن جرير: والصحيح أنه كان مقدما على زمن أفريدون حتى أدركه موسى، عليه السلام. الخامس: هل كان وليا أو نبيا؟ وبالأول جزم القشيري، واختلف أيضا هل كان نبيا مرسلا أم لا؟ على قولين. وأغرب ما قيل: إنه من الملائكة. والصحيح أنه نبي، وجزم به جماعة. وقال الثعلبي: هو نبي على جميع الأقوال معمر محجوب عن الأبصار، وصححه ابن الجوزي أيضا في كتابه، لقوله تعالى حكاية عنه: * (وما فعلته عن أمري) * (الكهف: 82) فدل على أنه نبي أوحي إليه، ولأنه كان أعلم من موسى في علم مخصوص، ويبعد أن يكون ولي أعلم من نبي وإن كان يحتمل أن يكون أوحي إلى نبي في ذلك العصر يأمر الخضر بذلك، ولأنه أقدم على قتل ذلك الغلام، وما ذلك إلا للوحي إليه في ذلك. لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة. السادس: في حياته: فالجمهور على أنه باق إلى يوم القيامة. قيل: لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة. وقيل: لأنه شرب من عين الحياة. وقال ابن الصلاح: هو حي عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم في ذلك، وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين، ونقله النووي عن الأكثرين. وقيل: إنه لا يموت إلا في آخر الزمان حتى يرتفع القرآن. وفي (صحيح مسلم)، في حديث الدجال: أنه يقتل رجلا ثم يحييه. قال إبراهيم بن سفيان، راوي كتاب مسلم: يقال له: إنه الخضر، وكذلك قال معمر في مسنده، وأنكر حياته جماعة منهم البخاري وإبراهيم الحربي وابن المناوي وابن الجوزي. فإن قيل: خضر علم، فكيف دخل عليه آلة التعريف؟ قيل له: قد يتأول العلم بواحد من الأمة المساوية، فيجري مجرى رجل وفرس، فيجري على إضافته وعلى إدخال اللام
(٦٠)