واعترض أصحاب الشافعي على المالكية فقالوا إنما كانت تحصل الدلالة لكم لو كانت الآية واللاتي أرضعنكم أمهاتكم واعترض أصحاب مالك على الشافعية بأن حديث عائشة هذا لا يحتج به عندكم وعند محققي الأصوليين لأن القرآن لا يثبت بخبر الواحد وإذا لم يثبت قرآنا لم يثبت بخبر الواحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن خبر الواحد إذا توجه إليه قادح يوقف عن العمل به وهذا إذا لم يجئ إلا بآحاد مع أن العادة مجيئه متواترا توجب ريبة والله أعلم واعترضت الشافعية على المالكية بحديث المصة والمصتان وأجابوا عنه بأجوبة باطلة لا ينبغي ذكرها لكن ننبه عليها خوفا من الاغترار بها منه أن بعضهم ادعى أنها منسوخة وهذا باطل لا يثبت بمجرد الدعوى ومنها أن بعضهم زعم أنه موقوف على عائشة وهذا خطأ فاحش بل قد ذكره مسلم وغيره من طرق صحاح مرفوعا من رواية عائشة ومن رواية أم الفضل ومنها أن بعضهم زعم أنه مضطرب وهذا غلط ظاهر وجسارة على رد السنن بمجرد الهوى وتوهين صحيحها لنصرة المذاهب وقد جاء في اشتراط العدد أحاديث كثيرة مشهورة والصواب اشتراطه قال القاضي عياض وقد شذ بعض الناس فقال لا يثبت الرضاع إلا بعشر رضعات وهذا باطل مردود والله أعلم قوله (امرأتي الحدثى) هو بضم الحاء وإسكان الدال أي الجديدة قوله (حدثنا حبان حدثنا همام) هو حبان بن هلال وهو بفتح الحاء وبالباء الموحدة وذكر مسلم سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة وإرضاعها سالما وهو رجل واختلف العلماء في هذه المسألة فقالت عائشة وداود تثبت حرمة الرضاع برضاع البالغ كما تثبت برضاع الطفل لهذا الحديث وقال سائر العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن لا يثبت الا بإرضاع من له دون سنتين إلا أبا حنيفة فقال سنتين ونصف وقال زفر ثلاث سنين وعن مالك رواية سنتين وأيام واحتج الجمهور بقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وبالحديث الذي ذكره مسلم بعد هذا إنما الرضاعة من المجاعة وبأحاديث
(٣٠)