النكاح والتسري بالاتفاق ولو كان النكاح واجبا لما خيره بينه وبين التسري لأنه لا يصح عند الأصوليين التخيير بين واجب وغيره لأنه إلى ابطال حقية الواجب وأن تاركه لا يكون آثما وأما قوله صلى الله عليه وسلم فمن رغب عن سنتي فليس مني فمعناه من رغب عنها اعراضا عنها غير معتقد على ما هي والله أعلم أما الأفضل من النكاح وتركه فقال أصحابنا الناس فيه أربعة أقسام قسم تتوق إليه نفسه ويجد المؤن فيستحب له النكاح وقسم لا تتوق ولا يجد المؤن فيكره له وقسم تتوق ولا يجد المؤن فيكره له وهذا مأمور بالصوم لدفع التوقان وقسم يجد المؤن ولا تتوق فمذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أن ترك النكاح لهذا والتخلي للعبادة أفضل ولا يقال النكاح مكروه بل تركه أفضل ومذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وبعض أصحاب مالك أن النكاح له أفضل والله أعلم قوله (ان عثمان بن عفان قال لعبد الله بن مسعود ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك) فيه استحباب عرض الصاحب هذا على صاحبه الذي ليست له زوجه بهذه الصفة وهو صالح لزواجها على ما سبق تفصيله قريبا وفيه استحباب نكاح الشابة لأنها المحصلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ استمتاعا وأطيب نكهة وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظرا وألين ملمسا وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها وقوله تذكرك بعض ما مضى من زمانك معناه تتذكر بها بعض ما مضى من نشاطك وقوة شبابك فإن ذلك ينعش البدن قوله (ان عثمان دعا ابن مسعود واستخلاه فقال له) هذا الكلام دليل على استحباب الاسرار بمثل هذا فإنه مما يستحي من ذكره بين الناس وقوله ألا نزوجك جارية بكرا دليل على استحباب البكر وتفضيلها على الثيب وكذا
(١٧٤)