(فإذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم) هذا من قواعد الاسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم ويدخل فيها ما لا يحصى من الاحكام كالصلاة بأنواعها فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة من تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك وأمكنه البعض فعل الممكن وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن وأشباه هذا غير منحصرة وهي مشهورة في كتب الفقه والمقصود التنبيه على أصل ذلك وهذا الحديث موافق لقول الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وأما قوله تعالى اتقوا الله حق تقاته ففيها مذهبان أحدهما أنها منسوخة بقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم والثاني هوه الصحيح أو الصواب وبه جزم المحققون أنها ليست منسوخة بل قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم مفسرة لها ومبينة للمراد بها قالوا وحق تقاته هو امتثال أمره واجتناب نهيه ولم يأمر سبحانه وتعالى الا بالمستطاع قال الله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها وقال تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم (وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه) فهو على إطلاقه فإن وجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة أو شرب الخمر عند الاكراه أو التلفظ بكلمة الكفر إذا أكره ونحو ذلك فهذا ليس منهيا عنه في هذا الحال والله أعلم وأجمعت الأمة على أن الحج لا يجب في العمر الا مرة واحدة بأصل الشرع وقد تجب زيادة بالنذر وكذا إذا أراد دخول الحرم لحاجة لا تكرر كزيارة وتجارة على مذهب من أوجب الاحرام لذلك بحج أو عمرة وقد سبقت المسألة في أول كتاب الحج والله أعلم سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره قوله صلى الله عليه وسلم (لا تسافر المرأة ثلاثا الا ومعها ذو محرم) وفي رواية فوق ثلاث
(١٠٢)