الأول من الظن والثاني من العلم قوله صلى الله عليه وسلم (فمن رغب عن سنتي فليس مني) سبق تأويله وأن معناه من تركها اعراضا عنها غير معتقد لها على ما هي عليه أما من ترك النكاح على الصفة التي يستحب له تركه كما سبق أو ترك النوم على الفرا ش لعجزه عنه أو لاشتغاله بعبادة مأذون فيها أو نحو ذلك فلا يتناوله هذا الذم والنهي قوله (أن النبي صلى الله عليه وسلم حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال ما بال أقوام قالوا كذ وكذا) هو موافق للمعروف من خطبه صلى الله عليه وسلم في مثل هذا أنه إذا كره شيئا فخطب له ذكر كراهيته ولا يعين فاعله وهذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وسلم فإن المقصود من ذلك الشخص وجميع الحاضرين وغيرهم ممن يبلغه ذلك ولا يحصل توبيخ صاحبه في الملأ قوله (رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا) قال العلماء التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة ومنه صدقة بتلة أي منقطعة عن تصرف مالكها قال الطبري التبتل هو ترك الذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته وقوله رد عليه التبتل معناه نهاه عنه وهذا عند أصحاب محمول على من تاقت نفسه إلى النكاح ووجد مؤنة كما سبق ايضاحه وعلى من أضربه التبتل بالعبادات الكثيرة الشاقة أما الاعراض
(١٧٦)