الذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر والأنبياء معشر والنساء معشر فكذا ما أشبهه والشباب جمع شاب ويجمع على شبان وشيبة والشاب عند أصحابنا هو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة وأما الباءة ففيها أربع لغات حكاها القاضي عياض الفصيحة المشهورة الباءة بالمد والهاء والثانية الباء بلا مد والثالثة الباء بالمد بلا هاء والرابعة الباهة بهاءين بلا مد وأصلها في اللغة الجماع مشتقة من المباءة وهي المنزل ومنه مباءة الإبل وهي مواطنها ثم قيل لعقد النكاح باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد أصحهما أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه وهي مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشبان الذين هم مظنة شهوة النساء ولا ينفكون عنها غالبا والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها وتقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطعها فليصم ليدفع شهوته والذي حمل القائلين بهذا على هذا أنهم قالوا قوله صلى الله عليه وسلم ومن لم يستطع فعليه بالصوم قالوا والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم دفع الشهوة فوجب تأويل الباءة على المؤن وأجاب الأولون بما قدمناه في القول الأول وهو أن تقديره من لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه وهو محتاج إلى الجماع فعليه بالصوم والله أعلم وأما الوجاء فبكسر الواو وبالمد وهو رض الخصيتين والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المنى كما يفعله الوجاء وفي هذا الحديث الأمر بالنكاح لمن استطاعه وتاقت إليه نفسه وهذا مجمع عليه لكنه عندنا وعند العلماء كافة أمر ندب لا إيجاب فلا يلزم التزوج ولا التسري سواء خاف العنت أم لا هذا مذهب العلماء كافة ولا يعلم أحد أوجبه الا داود ومن وافقه من أهل الظاهر ورواية عن أحمد فإنهم قالوا يلزمه إذا خاف العنت أن يتزوج أو يتسرى قالوا وإنما يلزمه في العمر مرة واحدة ولم يشرط بعضهم حوف العنت قال أهل الظاهر إنما يلزمه التزويج فقط ولا يلزمه الوطء وتعلقوا بظاهر الأمر في هذا الحديث مع غيره من الأحاديث مع القرآن قال الله فانحكوا ما طاب لكم من النساء وغيرها من الآيات واحتج الجمهور بقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء إلى قوله تعالى وما ملكت أيمانكم فخيره سبحانه وتعالى بين النكاح والتسري قال الامام المازري هذا حجة للجمهور لأنه سبحانه وتعالى خيره بين
(١٧٣)