في جميع يوم النحر بلا كراهة ويكره تأخيره عنه بلا عذر وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة ولا يحرم تأخيره سنين متطاولة ولا آخر لوقته بل يصح ما دام الانسان حيا وشرطه أن يكون بعد الوقوف بعرفات حتى لو طاف للإفاضة بعد نصف ليلة النحر قبل الوقوف ثم أسرع إلى عرفات فوقف قبل الفجر لم يصح طوافه لأنه قدمه على الوقوف واتفق العلماء على أنه لا يشرع في طواف الإفاضة رمل ولا اضطباع إذا كان قد رمل واضطبع عقب طواف القدوم ولو طاف بنية الوادع أو القدوم أو التطوع وعليه طواف إفاضة وقع عن طواف الإفاضة بلا خلاف عندنا نص عليه الشافعي واتفق الأصحاب عليه كما لو كان عليه حجة الاسلام فحج بنية قضاء أو نذر أو تطوع فإنه يقع عن حجة الاسلام وقال أبو حنيفة وأكثر العلماء لا يجزئ طواف الإفاضة بنية غيره واعلم أن طواف الإفاضة له أسماء فيقال أيضا طواف الزيارة وطواف الفرض والركن وسماه بعض أصحابنا طواف الصدر وأنكره الجمهور قالوا وإنما طواف الصدر طواف الوداع والله أعلم وفي هذا الحديث استحباب الركوب في الذهاب من منى إلى مكة ومن مكة إلى منى ونحو ذلك من مناسك الحج وقد ذكرنا قبل هذا مرات المسألة وبينا أن الصحيح استحباب الركوب وأن من أصحابنا من استحب المشي هناك وقوله (فأفاض إلى البيت فصلى الظهر) فيه محذوف تقديره فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلى الظهر فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه وأما قوله فصلى بمكة الظهر فقد ذكر مسلم بعد هذا في أحاديث طواف الإفاضة من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر فصلى الظهر بمنى ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلا بالظهر الثانية التي بمنى وهذا كما ثبت في الصحيحين في صلاته صلى الله عليه وسلم ببطن نخل أحد أنواع صلاة الخوف فإنه صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها وسلم بهم ثم صلى بالطائفة الأخرى تلك الصلاة مرة أخرى فكانت له صلاتان ولهم صلاة وأما الحديث الوارد عن عائشة وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الزيارة يوم النحر إلى الليل فمحمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لطواف الإفاضة ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث وقد بسطت ايضاح هذا الجواب في شرح المهذب والله أعلم
(١٩٣)