النحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه) هكذا هو في النسخ ثلاثا وستين بيده وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة سوى ابن ماهان فإنه رواه بدنه قال وكلامه صواب والأول أصوب قلت وكلاهما حرى فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده قال القاضي فيه دليل على أن المنحر موضع معين من منى وحيث ذبح منها أو من الحرم أجزأه وفيه استحباب تكثير الهدى وكان هدى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة مائة بدنة وفيه استحباب ذبح المهدى هديه بنفسه وجواز الاستنابة فيه وذلك جائز بالاجماع إذا كان النائب مسلما ويجوز عندنا أن يكون النائب كافرا كتابيا بشرط أن ينوى صاحب الهدى عند دفعه إليه أو عند ذبحه وقوله ما غبر أي ما بقي وفيه استحباب تعجيل ذبح الهدايا وإن كانت كثيرة في يوم النحر ولا يؤخر بعضها إلى أيام التشريق وأما قوله وأشركه في هديه فظاهره أنه شاركه في نفس الهدى قال القاضي عياض وعندي أنه لم يكن تشريكا حقيقة بل أعطاه قدرا يذبحه والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وكانت ثلاثا وستين كما جاء في رواية الترمذي وأعطى عليا البدن التي جاءت معه من اليمين وهي تمام المائة والله أعلم قوله (أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا هذه من لحمها وشربا من مرقها) البضعة بفتح الباء لا غير وهي القطعة من اللحم وفيه استحباب الأكل من هدى التطوع وأضحيته قال العلماء لما كان الأكل من كل واحدة سنة وفي الأكل من كل واحدة من المائة منفردة كلفة جعلت في قدر ليكون آكلا من مرق الجميع الذي فيه جزء من كل واحدة ويأكل من اللحم المجتمع في الرق ما تيسر وأجمع العلماء على أن الأكل من هدى التطوع وأضحيته سنة ليس بواجب قوله (ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر) هذا الطواف هو طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج باجماع المسلمين وأول وقته عندنا من نصف ليلة النحر وأفضله بعد رمى جمرة العقبة وذبح الهدى والحلق ويكون ذلك ضحوة يوم النحر ويجوز
(١٩٢)