قال العلماء إنما استدناه صلى الله عليه وسلم ليستتر به عن أعين الناس وغيرهم من الناظرين لكونها حالة يستخفى بها ويستحيي منها في العادة وكانت الحاجة التي يقضيها بولا من قيام ويؤمن معها خروج الحدث الآخر والرائحة الكريهة فلهذا استدناه وجاء في الحديث الآخر لما أراد قضاء الحاجة قال تنح لكونه كان يقضيها قاعدا ويحتاج إلى الحدثين جميعا فتحصل الرائحة الكريهة وما يتبعها ولهذا قال بعض العلماء في هذا الحديث من السنة القرب من البائل إذا كان قائما فإذا كان قاعدا فالسنة الابعاد عنه والله تعالى أعلم واعلم أن هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد بعدم بسط أكثرها فيما ذكرناه ونشير إليها ههنا مختصرة ففيه اثبات المسح على الخفين وفيه جواز المسح في الحضر وفيه جواز البول قائما وجواز قرب الانسان من البائل وفيه جواز طلب البائل من صاحبه الذي يدل عليه القرب منه ليستره وفيه استحباب الستر وفيه جواز البول بقرب الديار وفيه غير ذلك والله أعلم قوله (فقال حذيفة لوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد فلقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال) الخ مقصود حذيفة أن هذا التشديد خلاف السنة فان النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما ولا شك في كون القائم معرضا للرشيش ولم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال ولم يتكلف البول في قارورة كما فعل أبو موسى رضي الله عنه والله أعلم قوله (أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن سعد ين إبراهيم عن نافع ين جبير عن عروة ابن المغيرة عن أبيه المغيرة) هذا الاسناد فيه أربعة تابعيون يروى بعضهم عن بعض وهم يحيى بن
(١٦٧)