وفضله العظيم لديه ويكون قوله تعالى قاب قوسين أو أدنى على هذا عبارة عن لطف المحل وايضاح المعرفة والاشراف على الحقيقة من نبينا صلى الله عليه وسلم ومن الله إجابة الرغبة وإبانة المنزلة ويتأول في ذلك ما يتأول في قوله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا الحديث هذا آخر كلام القاضي وأما صاحب التحرير فإنه اختار اثبات الرؤية قال والحجج في هذه المسألة وان كانت كثيرة ولكنا لا نتمسك الا بالأقوى منها وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم وعن عكرمة سئل ابن عباس رضي الله عنهما هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه قال نعم وقد روى باسناد لا بأس به عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه وكان الحسن يحلف لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه والأصل في الباب حديث ابن عباس حبر الأمة والمرجوع إليه في المعضلات وقد راجعه ابن عمر رضي الله عنهم في هذه المسألة وراسله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه فأخبره انه رآه ولا يقدح في هذا حديث عائشة رضي الله عنها لان عائشة لم تخبر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لم أر ربى وإنما ذكرت ما ذكرت متأولة لقول الله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا ولقول الله تعالى لا تدركه الأبصار والصحابي إذا قال قولا وخالفه غيره منهم لم يكن قوله حجة وإذا صحت الروايات عن ابن عباس في اثبات الرؤية وجب المصير إلى اثباتها فإنها ليست مما يدرك بالعقل ويؤخذ بالظن وإنما يتلقى بالسماع ولا يستجيز أحد أن يظن بابن عباس أنه تكلم في هذه المسألة بالظن والاجتهاد وقد قال معمر بن راشد حين ذكر اختلاف عائشة وابن عباس ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس ثم إن ابن عباس أثبت شيئا نفاه غيره والمثبت مقدم على النافي هذا كلام صاحب التحرير فالحاصل أن الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه ليلة الاسراء لحديث ابن عباس وغيره مما تقدم واثبات هذا لا يأخذونه الا بالسماع من رسول الله هذا لا ينبغي أن يتشكك فيه ثم إن عائشة رضي الله عنها لم تنف الرؤية بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان معها فيه حديث لذكرته وإنما اعتمدت الاستنباط من الآيات وسنوضح الجواب عنها فأما احتجاج عائشة بقول الله تعالى لا تدركه لأبصار فجوابه ظاهر فان الادراك هو الإحاطة والله
(٥)