فآتيه بالماء فيغتسل به) الميضأة بكسر الميم وبهمزة بعد الضاد المعجمة وهي الاناء الذي يتوضأ به كالركوة والإبريق وشبههما وأما الحائط فهو البستان وأما العنزة فبفتح العين والزاي وهي عصا طويلة في أسفلها زج ويقال رمح قصير وإنما كان يستصحبها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان إذا توضأ صلى فيحتاج إلى نصبها بين يديه لتكون حائلا يصلى إليه وأما قوله يتبرز فمعناه يأتي البراز بفتح الباء وهو المكان الواسع الظاهر من الأرض ليخلو لحاجته ويستتر ويبعد عن أعين الناظرين وأما قوله فيغتسل به فمعناه يستنجي به ويغسل محل الاستنجاء والله أعلم وأما فقه هذه الأحاديث ففيها استحباب التباعد لقضاء الحاجة عن الناس والاستتار عن أعين الناظرين وفيها جواز استخدام الرجل الفاضل بعض أصحابه في حاجته وفيها خدمة الصالحين وأهل الفضل والتبرك بذلك وفيها جواز الاستنجاء بالماء واستحبابه ورجحانه على الاقتصار على الحجر وقد اختلف الناس في هذه المسألة فالذي عليه الجماهير من السلف والخلف وأجمع عليه أهل الفتوى من أئمة الأمصار أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر فيستعمل الحجر أولا لتخف النجاسة وتقل مباشرتها بيده ثم يستعمل الماء فان أراد الاقتصار على أحدهما جاز الاقتصار على أيهما شاء سواء وجد الآخر أو لم يجده فيجوز الاقتصار على الحجر مع وجود الماء ويجوز عكسه فان اقتصر على أحدهما فالماء أفضل من الحجر لأن الماء يطهر المحل طهارة حقيقية وأما الحجر فلا يطهره وإنما يخفف النجاسة ويبيح الصلاة مع النجاسة المعفو عنها وبعض السلف ذهبوا إلى أن الأفضل هو الحجر وربما أوهم كلام بعضهم أن الماء لا يجزى وقال ابن حبيب المالكي لا يجزى الحجر الا لمن عدم الماء وهذا خلاف ما عليه العلماء من السلف والخلف وخلاف ظواهر السنن المتظاهرة والله أعلم وقد استدل بعض العلماء بهذه الأحاديث على أن المستحب أن يتوضأ من الأواني دون المشارع والبرك ونحوها إذ لم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الذي قاله غير مقبول ولم يوافق عليه أحد فيما نعلم قال القاضي عياض هذا الذي قاله هذا القائل لا أصل له ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم وجدها فعدل عنها إلى الأواني والله أعلم
(١٦٣)