به مرض فهو جائز وذهب بعضهم إلى تخصيص الرقى والكي من بين أنواع الطب لمعنى وأن الطب غير قادح في التوكل إذ تطبب رسول الله صلى الله عليه وسلم والفضلاء من السلف وكل سبب مقطوع به كالأكل والشرب للغذاء والري لا يقدح في التوكل عند المتكلمين في هذا الباب ولهذا لم ينف عنهم التطبب ولهذا لم يجعلوا الاكتساب للقوت وعلى العيال قادحا في التوكل إذا لم يكن ثقته في رزقه باكتسابه وكان مفوضا في ذلك كله إلى الله تعالى والكلام في الفرق بين الطب والكي يطول وقد أباحهما النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهما لكني أذكر منه نكتة تكفي وهو أنه صلى الله عليه وسلم تطبب في نفسه وطبب غيره ولم يكتو وكوى غيره ونهى في الصحيح أمته عن الكي وقال ما أحب أن أكتوي هذا آخر كلام القاضي والله أعلم والظاهر من معنى الحديث ما اختاره الخطابي ومن وافقه كما تقدم وحاصله أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله عز وجل فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم ولا شك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها وأما تطبب النبي صلى الله عليه وسلم ففعله ليبين لنا الجواز والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم وعلى ربهم يتوكلون اختلفت عبارات العلماء من السلف والخلف في حقيقة التوكل فحكى الإمام أبو جعفر الطبري وغيره عن طائفة من السلف أنهم قالوا لا يستحق اسم التوكل الا من لم يخالط قلبه خوف غير الله تعالى من سبع أو عدو حتى يترك السعي في طلب الرزق ثقة بضمان الله تعالى له رزقه واحتجوا بما جاء في ذلك من الآثار وقالت طائفة حده الثقة بالله تعالى والايقان بأن قضاءه نافذ واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في السعي فيما لا بد منه من المطعم والمشرب والتحرز من العدو كما فعله الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم أجمعين قال القاضي عياض هذا المذهب هو اختيار الطبري وعامة الفقهاء والأول مذهب بعض المتصوفة وأصحاب علم القلوب والإشارات وذهب المحققون منهم إلى نحو مذهب الجمهور ولكن لا يصح عندهم اسم التوكل مع الالتفات والطمأنينة إلى الأسباب بل فعل الأسباب سنة الله وحكمته والثقة بأنه لا يجلب نفعا ولا يدفع ضرا والكل من الله تعالى وحده هذا كلام القاضي عياض قال الامام الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى اعلم أن التوكل محله القلب وأما الحركة بالظاهر فلا تنافي التوكل بالقلب بعد ما تحقق العبد أن الثقة من قبل الله تعالى فان تعسر شئ فبتقديره وان تيسر فبتيسيره وقال سهل بن
(٩١)