صفات الاله ليختبرهم وهذا آخر امتحان المؤمنين فإذا قال لهم هذا الملك أو هذه الصورة أنا ربكم رأوا عليه من علامات المخلوق ما ينكرونه ويعلمون أنه ليس ربهم ويستعيذون بالله منه وأما قوله صلى الله عليه وسلم (فيأتيهم الله في صورة التي يعرفون) فالمراد بالصورة هنا الصفة ومعناه فيتجلى الله سبحانه وتعالى لهم على الصفة التي يعلمونها ويعرفونه بها وإنما عرفوه بصفته وان لم تكن تقدمت لهم رؤية له سبحانه وتعالى لأنهم يرونه لا يشبه شيئا من مخلوقاته وقد علموا أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته فيعلمون أنه ربهم فيقولون أنت ربنا وإنما عبر بالصورة عن الصفة لمشابهتها إياها ولمجانسة الكلام فإنه تقدم ذكر الصورة وأما قولهم (نعوذ بالله منك) فقال الخطابي يحتمل أن تكون هذه الاستعاذة من المنافقين خاصة وأنكر القاضي عياض هذا وقال لا يصح أن تكون من قول المنافقين ولا يستقيم الكلام به وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب ولفظ الحديث مصرح به أو ظاهر فيه وإنما استعاذوا منه لما قدمناه من كونهم رأوا سمات المخلوق وأما قوله صلى الله عليه وسلم (فيتبعونه) فمعناه يتبعون أمره إياهم بذهابهم إلى الجنة أو يتبعون ملائكته الذين يذهبون بهم إلى الجنة والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ويضرب الصراط بين ظهري جهنم) هو بفتح الظاء وسكون الهاء ومعناه يمد الصراط عليها وفي هذا اثبات الصراط ومذهب أهل الحق اثباته وقد أجمع السلف على اثبات وهو جسر على متن جهنم يمر عليه الناس كلهم فالمؤمنون ينجون على حسب حالهم أي منازلهم والآخرون يسقطون فيها أعاذنا الله الكريم منها وأصحابنا المتكلمون وغيرهم من السلف يقولون إن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف كما ذكره أبو سعيد الخدري رضي الله عنه هنا في روايته الأخرى المذكورة في الكتاب والله تعالى أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فأكون أنا وأمتي أول من يجيز) هو بضم الياء وكسر الجيم والزاي آخره ومعناه يكون أول من يمضى عليه ويقطعه يقال أجزت الوادي وجزته لغتان بمعنى واحد وقال الأصمعي أجزته قطعته وجزته مشيت فيه والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ولا يتكلم يومئذ الا رسل) معناه لشدة الأهوال
(٢٠)