السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٥٠
عند الناس على علي، إذا مال معكم العباس.
فانطلق أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، والمغيرة، حتى دخلوا على العباس، وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه، وقال:
إن الله ابتعث لكم محمدا (صلى الله عليه وآله) نبيا، وللمؤمنين وليا، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم، حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم، متفقين غير مختلفين فاختاروني عليهم واليا، ولأمورهم راعيا، فتوليت ذلك، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا، ولا حيرة ولا جبنا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وما أنفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين، يتخذ لكم لجأ فتكونوا حصنه المنيع، وخطبه البديع، فإما دخلتم فيما دخل فيه الناس، أو صرفتموهم عما مالوا إليه، فقد جئناك، ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ولمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومكان أهلك، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) منا ومنكم.
فاعترض كلامه عمر، وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته، فقال: إي والله، وأخرى إنا لم نأتكم حاجة إليكم، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم وعامتهم، ثم سكت.
فتكلم العباس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله ابتعث محمدا نبيا، كما وصفت، ووليا للمؤمنين، فمن الله به على أمته حتى اختار له ما عنده، فخلى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم، مصيبين للحق ماثلين عن زيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم، وما تقدمنا في أمركم فرطا، ولا حللنا وسطا، ولا نزحنا شحطا، فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست