أبى، فأنكرت عقلي وخرجت اشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة، فقال العباس: تربت أيديكم إلى آخر الدهر، أما إني قد أمرتكم فعصيتموني. فمكثت أكابد ما في نفسي، ورأيت في الليل المقداد، وسلمان، وأبا ذر، وعبادة بن الصامت، وأبا الهيثم بن التيهان، وحذيفة، وعمارا، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.
فلما كان بليل خرجت إلى المسجد، فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء، فضاء بني قضاعة، وأجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم، فعرفوني وما أعرفهم إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وسلمان الفارسي، وأبا ذر، وحذيفة، وأبا الهيثم بن التيهان، وإذا حذيفة يقول لهم: والله ليكونن ما أخبرتكم به، والله ما كذبت ولا كذبت، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.
ثم قال ائتوا أبي بن كعب، فقد علم ما كان علمت، قال: فانطلقنا إلى أبي، فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب، فقال: من أنتم فكلمه المقداد، فقال: ما حاجتكم؟ فقال له: ما أنا بفاتح بابي، وقد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد؟ فقلنا: نعم، فقال: أفيكم حذيفة؟
فقلنا: نعم، قال: فالقول ما قال: وبالله ما أفتح عني بابي حتى تجري على ما هي جارية، ولما يكون بعدها شر منها وإلى الله المشتكى.
وبلغ الخبر أبا بكر، وعمر، فأرسلا إلى أبي عبيدة، والمغيرة بن شعبة، فسألاهما عن الرأي، فقال المغيرة: إن تلقوا العباس فتجعلوا له هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه، فتقطعوا به من ناحية علي، ويكون لكم حجة