ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته ولا يرجى غيره ولا الغنى إلا به، فإن من اتقى الله جل وعز وقوى وشبع وروى ورفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة، فاطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب شبهاتها وأضر والله بالحلال الصافي إلا ما لابد له من كسرة [منه] يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته من أغلظ ما يجد وأخشنه ولم يكن له فيما لابد له منه ثقة ولا رجاء، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الأشياء فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الأضلاع وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر، فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب، فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا [أ] وبعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الأولاد والأهلون فانقطع إلى الله بقلب منيب، من رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال، أعاننا الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته (1).
[13604] 5 - الكليني بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته الوسيلة:... وأشرف الغنى ترك المنى... الحديث (2).
رويها الصدوق في الفقيه: 4 / 389، والرضي في نهج البلاغة: الحكمة 34، والكراجكي في كنز الفوائد: 1 / 349.
[13605] 6 - الكليني بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:... فرحم الله امرءا راقب ربه وتنكب ذنبه وكابر هواه وكذب مناه... الحديث (3).