منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الأسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها فتقف خاسئة على حدودها وأنشأهم على صور مختلفات وأقدار متفاوتات أولي أجنحة تسبح جلال
عزته لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه ولا يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفرد به
﴿بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾ (1) جعلهم الله فيما هنالك أهل
الأمانة على وحيه وحملهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه وعصمهم من ريب الشبهات فما منهم زائغ عن سبيل مرضاته، وأمدهم بفوائد المعونة وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده ونصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده لم تثقلهم موصرات الآثام ولم ترتحلهم عقب الليالي والأيام ولم ترم الشكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم ولم تعترك
الظنون على معاقد يقينهم ولا قدحت قادحة الإحن فيما بينهم ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائرهم وما سكن من عظمته وهيبة جلالته في أثناء صدورهم ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم، ومنهم من هو في خلق الغمام الدلح وفي عظم الجبال الشمخ وفي فترة الظلام الأيهم ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض السفلى فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق الهواء وتحتها ريح هفافة تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية قد استفرغتهم أشغال عبادته ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره، قد ذاقوا حلاوة معرفته وشربوا بالكأس الروية من محبته وتمكنت من سويداء قلوبهم وشيجة خيفته فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم، ولم ينفد طول الرغبة إليه مادة تضرعهم ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة ربق خشوعهم ولم يتولهم الإعجاب