دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٧٥
قال يحيى بن القطان: ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير، وذلك منهم إما لعدم علمهم بتفرقة ما يجوز لهم وما يمتنع عليهم، أو لأن عندهم حسن ظن وسلامة صدر فيحملون ما سمعوه على الصدق ولا يهتدون لتميز الخطأ من الصواب، ولكن الواضعين منهم، وإن خفي حالهم على كثير من الناس فإنه لم يخف على جهابذة الحديث ونقاده.
ومن الأحاديث الموضوعة للترغيب أخبار فضائل سور القرآن، وقد تقدم آنفا نقل اعتراف أبي عصمة بوضعها حسبة، وعن ابن حبان، عن ابن مهدي قال: " قلت لميسرة بن عبد ربه من أين جئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا، فقال:
وضعتها ارغب الناس فيها.
وهكذا قيل في حديث أبي الطويل في فضائل سور القرآن سورة سورة فروى عن المؤمل بن إسماعيل قال: حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال:
حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط وهو حي، فصرت إليه، فقال: حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقال: حدثني شيخ بعبادان، فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا، فإذا فيه قوم من المتصوفة، وفيهم شيخ فقال: هذا الشيخ حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا إلى القرآن ".
قال في البداية: " وكل من أودع هذه الأحاديث تفسيره كالواحدي والثعلبي والزمخشري فقد أخطأ في ذلك ولعلهم لم يطلعوا على وضعه مع أن جماعة من العلماء قد نبهوا عليه، وخطب من ذكره مسندا كالواحدي أسهل.
رابعها: قوم زنادقة وضعوا أحاديث ليفسدوا بها الإسلام، وينصروا بها المذاهب الفاسدة، فقد روى العقيلي، عن حماد بن زيد قال: وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة عشر ألف حديث منهم " عبد الكريم بن أبي العوجاء - الذي قتل وصلب في زمان المهدي بن المنصور - قال ابن عدي لما أخذ ليضرب عنقه، قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال واحلل الحرام " ومنهم بيان بن سمعان الهدى الذي قتله خالد القسري وأحرقه بالنار،
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»