اشتراطها في الراوي في قبول روايته، فتوضيح القول في ذلك أنهم اختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: الاشتراط، فلا تقبل رواية غير العدل وإن حاز بقية الشروط، وفي البداية: " أن عليه جمهور أئمة الحديث وأصول الفقه " وفي " المعالم " ومحكي " غاية المأمول " (1) أنه المشهور بين الأصحاب.
ثانيهما: عدم الاشتراط، وهو خيرة جمع مفترقين على قولين: أحدهما: حجية خبر مجهول الفسق. وهو المنقول عن ظاهر جمع من المتأخرين. ثانيهما: عدم حجية خبر مجهول الحال، بل من يوثق بتحرزه عن الكذب خاصة.
وهو خيرة الشيخ - رحمه الله - في " العدة " حيث قال: " فأما من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بالأفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرزا فيها، فإن ذلك لا يوجب رد خبره، ويجوز العمل به، لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته، وليس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم - انتهى ". ووافقه على ذلك جمع كثير من الأواخر، ولعله المشهور بينهم حتى تداولوا العمل بالأخبار الحسان.
حجة القول بالعمل بخبر مجهول الحال:
إن الله تعالى علق وجوب التثبت على فسق المخبر، وليس المراد الفسق الواقعي وإن لم نعلم به وإلا لزم التكليف بما لا يطاق، فتعين أن يكون المراد الفسق المعلوم، وانتفاء التثبت عند عدم العلم بالفسق يجامع كلا من الرد والقبول، لكن المراد ليس هو الأول وإلا لزم كون مجهول الحال أسوء حالا من معلوم الفسق، حيث يقبل خبره بعد التثبت، فتعين الثاني وهو القبول.
ورد بأن المراد بالفسق في الآية هو الفسق النفس الأمري لا المعلوم كما عرفت، وبعد إمكان تحصيل العلم به أو الظن فلا يلزم التكليف بما لا يطاق حجة الشيخ ومن وافقه - رحمهم الله - وجوه:
أحدها: ما أشار إليه في " العدة " من عمل الطائفة بخبر الفاسق إذا كان ثقة