ومستندهم حمل قوله على الصحة.
وثانيهما: أنه من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره، أرسله جمع قولا ولم نظفر بقائله ومستنده أن العنعنة أعم من الاتصال لغة. وفيه أن الأعمية لغة لا تنفع بعد ظهوره في الاتصال المستلزم وضع قرينة على عدمه حيث استعمل في غير المتصل مثل كلمة " بلغني " في قوله: " عن فلان ".
ثم إن أهل القول الأول اختلفوا، فمنهم من اكتفى بإمكان اللقاء، اختاره كثير من أهل الحديث بل عن مسلم بن الحجاج من العامة: إن القول الشايع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا إنه يكفي أن يثبت كونهما في عصر واحد وإن لم - يأت في خبر قط أنهما اجتمعا وتشافهما. ومنهم من شرط ثبوت اللقاء ولم يكتف بإمكانه، حكي ذلك عن البخاري وابن المديني (1) وعزاه بعضهم إلى المحققين من أهل هذا العلم، وما أبعد ما بينه وبين قول مسلم بن الحجاج إنه قول مخترع لم يسبق قائله.
ومنهم من زاد على ثبوت اللقاء اشتراط طول الصحبة بينهما ولم يكتف بثبوت اللقاء وهو أبو المظفر السمعاني. ومنهم من زاد على اللقاء وطول الصحبة معرفته بالرواية عنه وهو أبو عمرو الداني على ما حكي عنه.
والأظهر بين الأقوال هو القول الأول، لأصالة عدم اشتراط أزيد من إمكان اللقاء بعد ظهور قوله عن فلان في الرواية عنه بلا واسطة، بل الأظهر عدم كون إمكان اللقاء شرطا حتى ينفى عند الشك بالأصل وإنما عدم اللقاء مانع فما لم يثبت عدم اللقاء يبنى على ظاهر اللفظ ويطلق عليه المعنعن فلا تذهل.
ومنها: المعلق، وهو على ما صرح به جمع " ما حذف من أول إسناده واحد أو أكثر على التوالي ونسبة الحديث إلى من فوق المحذوف من رواته مثل أغلب روايات الفقيه والتهذيبين حيث أسقطا فيها جملة من أول إسناد الأخبار وبين كل منهما في آخر كتابه من أسقطه بقوله: ما رويته عن فلان فقد رويته عن فلان، عن فلان، عنه.