دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ٣٩
ثم إنه صرح جمع بأنه لا يخرج المعلق عن الصحيح والموثق والحسن إذا عرف المحذوف وعرف حاله خصوصا إذا كان العلم من جهة الراوي كتصريح الشيخ (ره) في كتابيه والصدوق (ره) في " الفقيه " بعدم دركهما المروي عنه وبيانهما لطريقهما إلى كل واحد ممن رويا عنه، فإن هذا المحذوف في قوة المذكور لأن الحذف إنما هو من الكتابة أو اللفظ حيث تكون الرواية به وإلا فالمقصود بقوله: روى محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد هو روى الشيخ المفيد (ره) عن ابن قولويه عن محمد بن يعقوب لأن ذلك طريقه إليه على ما صرح به، نعم، لو لم يعلم المحذوف خرج المعلق عن الصحيح إلى الإرسال أو ما في حكمه.
ومنها: المفرد وهو على ما في " البداية " قسمان، لأنه إما أن ينفرد به راويه عن جميع الرواة وهو الانفراد المطلق، وألحقه بعضهم بالشاذ، وسيأتي أنه يخالفه، أو ينفرد به بالنسبة إلى جهة وهو النسبي كتفرد أهل بلد معين كمكة والبصرة والكوفة، أو يتفرد واحد من أهلها به - انتهى.
وأقول: الوجه في مخالفة المفرد للشاذ أن شذوذ الرواية فرع وجود رواية مشهورة في قبالها وشذوذ الفتوى فرع إعراض الأصحاب عن العمل بتلك الرواية، فلو تفرد واحد رواية خبر لم يرو غيره خبرا مخالفا له وتلقى الأصحاب ذلك الخبر المفرد بالقبول كان ذلك الخبر مفردا غير شاذ كما هو ظاهر ومن هنا ظهر الوجه في الجريان الإفراد في الصحيح والموثق والحسن وعدم صيرورة الحديث بالإفراد ضعيفا، وإن كان لو لحق الإفراد بالشذوذ كان مردودا لذلك.
ومنها: المدرج وهو على أقسام أربعة يجمعها درج الراوي أمرا في أمر.
أولها: ما أدرج فيه كلام بعض الرواة، فيظن أنه من الأصل، وهذا يسمى مدرج المتن وهو على أقسام لأنه تارة يذكر الراوي عقيب الخبر كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا بالحديث من غير فصل فيتوهم أنه من تتمة الحديث. وأخرى:
يقول الراوي كلاما يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل، فيتوهم أن الكل حديث. وثالثة: يذكر كلمة في تفسير كلمة أخرى في وسط الخبر أو يستنبط حكما من الحديث قبل أن يتم فيدرجه في وسطه، فيتوهم أن التفسير أو ذلك من المعصوم عليه السلام.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»