دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٨٤
مكة المعظمة. وهو كجمع ممن تأخر عنه بنوا على اعتباره لثبوت النسبة عندهم بقطع عادي وإن كنا كالأكثر خالفناهم في ذلك لأمور مرت الإشارة إليها إجمالا آنفا.
وصرح الصدوق - رحمه الله - في مواضع من كتبه وكذا بعض من قارب عصره أو سبقه بوجود جملة من مكاتيب الأئمة عليهم السلام وتوقيعاتهم عندهم، ومن المستبعد أن لا يكون وقوفهم على بعض ذلك بطريق الوجادة ولو في كتب من قاربهم أو سبقهم.
وبالجملة فلا ينبغي التأمل فيما ذكرنا من عدم اختصاص الأقسام المزبورة بالتحمل عن غير الإمام عليه السلام وإن كان بعضها أدون من بعض في معلومية الثبوت أو ظهوره.
* * * المقام الثالث: في كتابه الحديث وضبطه، وفيه مطالب:
الأول: في حكمها: فقد وقع الخلاف بين الصحابة والتابعين في ذلك، فكرهها جمع منهم ابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن عباس استنادا إلى ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
" لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه ".
وأباحها من غير كراهة آخرون منهم أمير المؤمنين عليه السلام والحسن عليه السلام وابن عمر وأنس وجابر وعطاء وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. بل نسب ذلك إلى أكثر الصحابة والتابعين.
والنبوي المزبور لابد من حمله على مالا ينافي ذلك، على أن سنده قاصر ولأخبار عديدة معارض.
فمنها: ما روي عن ابن عمرو قال: قلت له صلى الله عليه وآله: " يا رسول الله إني أسمع منك الشئ فأكتبه؟ قال: نعم، قال في الغضب والرضا قال: نعم، قال: فإني لا أقول فيهما إلا حقا ".
ومنها: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: " كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكى ذلك إلى
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»