دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٧١
فيكون أولى من " أنبأنا ونبأنا " لدلالته على القول أيضا صريحا، لكنه ينقص عن " حدثنا " بأنه بما سمع في المذاكرة في المجالس والمناظرة بين الخصمين أشبه وأليق من " حدثنا " لدلالتهما على أن المقام لم يكن مقام التحديث وإنما اقتضاه المقام.
الخامس: إنه قد صرح جمع بأن أدنى العبارات الواقعة في هذا الطريق قول الراوي بالسماع: " قال فلان " أو " ذكر فلان " من دون أن يضم إلى ذلك كلمة " لي " أو " لنا " لكون مفهومه أعم من أنه سمع منه بلا واسطة أو معها أو بوسائط.
السادس: أنه لو عظم مجلس المحدث المملي وكثر الخلق ولم يمكن إسماعه للجميع فبلغ عنه مستمل ففي جواز رواية سامع المستملي تلك الرواية عن المملي قولان:
أحدهما الجواز وهو المعزي إلى جماعة من متقدمي المحدثين، لقيام القرائن الكثيرة بصدقه فيما بلغه في مجلس الشيخ عنه ولجريان السلف عليه كما في البداية.
وروى أبو سعيد السمعاني في أدب الاستملاء أن المعتصم وجه من يحرز مجلس عاصم بن علي بن عاصم في رحبة النخل الذي في جامع الرصافة، قال: وكان عاصم يجلس على سطح المسقطات وينتشر الناس في الرحبة وما يليها فيعظم الجمع جدا حتى سمع يوما يستعاد اسم رجل في الإسناد أربع عشرة مرة والناس لا يسمعون. فلما بلغ المعتصم كثرة الجمع أمر من يحرزهم، فحرزوا المجلس عشرين ألفا ومائة ألف ثم خمدت نار العلم وبار، وولت عساكره الأدبار.
فكأنه برق تألق بالحمى ثم انطوى فكأنه لم يلمع ثانيهما: أنه لا يجوز لمن أخذ عن المستملي أن يرويه عن المملي بغير واسطة المستملي، لأنه خلاف الواقع، وهو الأظهر كما في البداية، بل قيل: إن عليه المحققين.
والأولى أن يبين حالة الأداء أن سماعه لذلك أو لبعض الألفاظ من المستملي.
السابع: أنه لا يشترط علم المحدث بالسامعين، فلو استمع من لم يعلم المحدث به بوجه من الوجوه المانعة من العلم، جاز للسامع أن يرويه عنه لتحقق معنى السماع المعتبر.
ولو قال المحدث: أخبركم ولا اخبر فلانا، أو خص قوما بالسماع فسمع غيرهم.
(١٧١)
مفاتيح البحث: علي بن عاصم (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»