دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٦٩
والخلف على نشر الأحاديث قبل البلوغ إلى هذا السن وشبهه.
وكما لا حد في الابتداء فكذا لا حد في الانتهاء، فيصح تحمل الحديث ونقله لمن بلغ في السن غايته ما دامت قواه مستقيمة، نعم ينبغي الإمساك عن التحديث لمن خشي التخليط لهرم أو خرف أو عمى حذرا من الوقوع فيما لا يجوز، وضبطه ابن خلاد بالثمانين، ورد أيضا بإجماع السلف والخلف على السماع والاستماع ممن تجاوزها من الشيوخ الثقات المتبحرين.
الثالث: أنه لا يشترط في المروي عنه أن يكون أكبر من الراوي سنا ولا رتبة وقدرا وعلما، بل يجوز أن يروي الكبير عن الصغير بعد اتصافه بصفات الراوي، كما صرح بذلك جمع، بل لا شبهة فيه ولا ريب لأصالة عدم الاشتراط وقد اتفق ذلك كثيرا للصحابة ممن دونهم من التابعين والفقهاء، وقد مر في المقام الأول من الفصل الخامس عنوان رواية الأكابر عن الأصاغر.
المقام الثاني: في طرق التحمل للحديث وهي سبعة عند جمع وثمانية عند آخرين من دون نزاع معنوي، فإن من عدها سبعة أدرج الوصية في الإعلام وذيله بها، ومن عدها ثمانية عد الوصية قسما مستقلا. وكيف كان:
فأولها: السماع من لفظ الشيخ، وهو المروي عنه، فإن هذا الطريق أعلى طرق التحمل وأرفع أقسامه عند جمهور المحدثين.
الثاني: أن هذا القسم على وجوه: وهي إما بقراءة الشيخ وهو أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته - من كتاب مصحح على خصوص الراوي عنه بأن يكون هو المخاطب الملقى إليه الكلام، وإما بقراءته منه مع كون الراوي أحد المخاطبين، أو قراءته منه وكون الخطاب إلى غير الراوي عنه، فيكون الراوي عنه مستمعا أو سامعا صرفا، أو ما ذكر مع كون قراءته من حفظه.
وقد قيل: إن أعلى هذه الوجوه الأول ثم الثاني وهكذا على ترتيب الذكر.
وقد علل ذلك بقلة احتمال الخطأ في الأول بالنسبة إلى غيره.
الثالث: أنهم صرحوا بأن المتحمل بالسماع أو الاستماع من الشيخ إذا أراد أن يروي ذلك الحديث المسموع لغيره يقول: " سمعت فلانا " أو " حدث فلان " أو
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»