استجماعه للإسلام والإيمان والبلوغ والعدالة قبل، كما صرح بذلك جمع. بل لا خلاف في ذلك بنقل.
كالحسنين عليهما السلام وعبد الله بن العباس وعبد الله بن الزبير والنعمان بن - بشير والسائب بن يزيد والمسور بن مخرمة وغيرهم، حيث تحملوا جملة من الروايات في حال الصغر وقبل الفقهاء - رضي الله عنهم - عنهم روايتهم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وبعده.
ولم يزل الناس يسمعون الصبيان ويحضرونهم مجالس التحديث ويعتدون بروايتهم لذلك بعد البلوغ، واشتراط بعضهم البلوغ في أهلية التحمل كما ذكره البداية عن بعض مردود.
ثم إنه كما لا يشترط البلوغ في أهلية السماع فكذا لا تحديد لسن من يتحمل بعد كون المدار على التميز المختلف باختلاف الأشخاص.
وقد ذكر الشيخ الفاضل تقي الدين الحسن بن داود أن صاحبه ورفيقه السيد غياث بن طاووس اشتغل بالكتابة واستغنى عن المعلم وعمره أربع سنين.
وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: " رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون وقد قرء القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع بكى ".
وقال أبو محمد بن عبد الله بن محمد الإصفهاني: " إني حفظت القرآن ولي خمس سنين وحملت إلى ابن المقري لأستمع منه ولي أربع سنين: فقال بعض الحاضرين لا تستمعوا له فيما قرء فإنه صغير. فقال لي ابن المقري اقرأ سورة الكافرين، فقرأتها، فقال: اقرأ سورة التكوير، فقرأتها، فقال لي غيره: اقرأ سورة والمرسلات فقرأتها ولم أغلط فيها، فقال ابن المقري: اسمعوا له والعهدة علي ". ولا يخفى عليك أن الأخير دل على عدم اعتبار البلوغ في الأداء أيضا فضلا عن التحمل. ولا نقول به، وقد صدر من محدثي العامة في تحديد السن أقوال واهية:
فعن ابن خلاد " أن حده إذا بلغ خمسين سنة، لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد " قال: " ولا ينكر عند الأربعين لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال.
وعندها ينتهي عزم الإنسان وقوته ويتوفر عقله ويجود رأيه ". ورد بإجماع السلف