دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٠٥
نعم لو قام دليل على اتصافه بجميعها كان ذلك معارضا له ووجب الرجوع إلى ما تقتضيه قاعدة التعارض.
ومنها: أنه قد يتفق في بعض الرواة أنه يكرر في حقه لفظ الثقة، وذلك يدل على زيادة المدح، كما صرح بذلك جمع منهم ثاني الشهيدين في البداية. ولكن ربما يحكى عن جمع من أهل اللغة منهم ابن دريد في الجمهرة " أن من جملة الاتباع قولهم:
" ثقة نقة " - بالثاء في الأول، والنون في الثاني - وحينئذ فاحتمل بعضهم أن يكون ما وقع فيه الجمع بين هاتين الجملتين جريا على طريق الاتباع لا التكرير، ثم صحف فاعتقد أنه مكرر. ويبعد هذا الاحتمال جزم جمع منهم ابن داود في رجاله بالتكرير ولا يضر خلو كلام السابقين عليه عن التعرض لبيان المراد منه، ويزداد الاحتمال بعدا بعدم تداول كلمة نقة بالنون على ألسن أهل الرجال والحديث ولا تكلم بها أحد قط واستعمالها عقيب ثقة فقط لا مقتضى له، ويبعدا اختصاصه من بين جميع مواضع استعمالاتها بهذا الموضع مع عدم استعمالها في غيره.
ومن ألفاظ المدح قولهم: " ثقة في الحديث " أو " في الرواية ": ولا ريب في إفادته المدح التام، وكونه معتمدا ضابطا فيكون حكمه حكم الموثق. وفي دلالته على كونه إماميا وجهان.
ومنها قولهم: " صحيح الحديث ". لا ينبغي التأمل في إفادته صحة روايته بالاصطلاح المتأخر، إن كانت العبارة في كلام أهل هذا الاصطلاح، ضرورة أن كلام كل ذي اصطلاح يحمل على مصطلحه عند عدم القرينة على خلافه كما أوضحناه في محله. ومن البين عدم الفرق بين تصريح أهل هذا الاصطلاح بأنه عدل إمامي ضابط وبين تصريحهم بأنه صحيح الحديث. وأما إن كانت العبارة في كلمات القدماء فلا ريب ولا شبهة في إفادتها مدح الراوي مدحا كاملا في روايته بل نفسه أيضا، وكون روايته من القوي، وفي إفادته كونه عدلا وجهان أظهرهما ذلك.
ومنها قولهم: " حجة ": ولا شبهة في إفادته في حق من أطلق عليه مدحا كاملا في روايته، بل نفسه، وكون روايته من القوي، بل الأظهر دلالته على كونه عدلا إماميا ضابطا، لاستقرار اصطلاحهم على ذلك كما شهد به الشهيد الثاني - رحمه الله - في
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»