دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١١٦
فإن ظاهره نقل الاستفادة عن مجهول دون أن يكون هو المستفيد، فتدبر.
وعلى أي حال فقد حكي عن " المعراج " أن التعديل بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين. وقال الشهيد الثاني - رحمه الله - في " البداية ": إن مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم - إلى أن قال -: إن مشايخنا من عهد الكليني - رحمه الله - إلى زماننا لا يحتاجون إلا التنصيص لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وورعهم - انتهى ".
قلت: هذا ليس منه شهادة باستقرار الاصطلاح، حتى يكون حجة، بل تمسكا بالاستقراء أو بالغلبة، ولا بأس بذلك إن تم لإفادته الظن الذي ثبتت حجيته في الرجال. وقال المولى الوحيد: " إذا كان المستجيز ممن يطعن على الرجال في روايتهم عن المجاهيل والضعفاء وغير الموثقين، فدلالة استجازته على الوثاقة في غاية الظهور، سيما إذا كان المجيز من المشاهير، وربما يفرق بينهم وبين غير المشاهير بكون الأول من الثقات ولعله ليس بشئ - انتهى ".
وأقول: الوجه فيما ذكره ظاهر، لأن كون المستجيز والمجيز على الحالة التي ذكرها، يقوى الظن بوثاقة المجيز، ولعل مراد المحقق الشيخ محمد بقوله، " عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ " بيان أن جريان عادتهم على ذلك، يكشف عن كون وثاقتهم مسلما بينهم، فتأمل.
* * * تذييل: ليست شيخوخة الإجازة كشيخوخة الرواية في إفادة الحسن أو الوثاقة، كما نص عليه بعض أساطين الفن. والفرق بينهما، على ما أفاده صاحب " التكملة " في ترجمة أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، أن الأول من ليس له كتاب يروى، ولا رواية تنقل، بل يخبر كتب غيره ويذكر في السند لمحض اتصال السند، فلو كان ضعيفا لم يضر ضعفه. والثاني هو من تؤخذ الرواية منه ويكون في الأغلب صاحب كتاب، بحيث يكون هو أحد من تستند إليه الرواية. وهذا تضر جهالته في الرواية، ويشترط في قبولها عدالته. وطريق العلم بأحد الأمرين هو أنه إن ذكر له كتاب، كان من مشايخ الرواية وإلا كان من مشايخ الإجازة على إشكال في الثاني.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»