دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١١٤
هذه الطائفة ووجها من وجوهها أولى بذلك - انتهى ".
وعن التعليقة في الترجمة المزبورة عن جده أنه قال: " عين " توثيق، لأن الظاهر استعارته بمعنى الميزان باعتبار صدقه كما كان الصادق عليه السلام يسمى أبا - الصباح بالميزان لصدقه، ويحتمل أن يكون بمعنى شمسها أو خياره، بل الظاهر أن قولهم " وجه " توثيق، لأن دأب علمائنا السابقين في نقل الأخبار كان عدم النقل إلا عمن كان في غاية الثقة، ولم يكن يومئذ مال ولا جاه حتى يتوجهوا إليهم بها بخلاف اليوم، ولذا يحكمون بصحة خبره - انتهى ".
قلت: إن تم ما ذكره، كان المقول فيه من الموثق، وإلا لكونه اجتهاد منه لم يعلم إصابته، وعدم كونه نقلا للاصطلاح فهو من القوي. وعلى كل منهما فاسم التفضيل منه أدل على ذلك، فقولهم: " فلان أوجه من فلان " يفيد الوثاقة على اجتهاده، إذا كان المفضل عليه وجها، والقوة على القول الآخر، وأما قولهم: " أوثق من فلان " مع وثاقة المفضل عليه، فلا شبهة في دلالته على الوثاقة. كما أن قولهم: " أصدق من فلان " أو " أورع من فلان " مع وثاقة فلان، يكون توثيقا، قضاء لحق اسم التفضيل.
ومنها قولهم: " ممدوح ".
ولا ريب في إفادته المدح في الجملة لا الوثاقة، ولا الإمامية، بل ولا المدح المعتد به الموجب لصيرورة الحديث حسنا، ضرورة أن من المدح ما له دخل في قوة السند وصدق القول، مثل: " صالح " و " خير ". ومنه مالا دخل له في السند بل في المتن، مثل " فهيم " و " حافظ ". ومنه مالا دخل له فيهما، مثل " شاعر " و " قارئ "، فحيث يطلق ولا توضع قرينة على إرادة الأول، لم يدل على المدح المعتد به، لأن العام لا يدل على الخاص.
ومنها قولهم: " من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام " ولا ريب في دلالته على المدح المعتد به الموجب لصيرورة السند من القوي، إن لم يثبت كونه إماميا، ومن الحسن إن ثبت كونه إماميا. وربما جعل ذلك دالا على العدالة، ويستشهد له بعد العلامة - رحمه الله - سليم بن قيس من أولياء أمير المؤمنين
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»