علي (ع) وحرك يده بالسيف، رمى بنفسه عن ظهر فرسه إلى ارض وكشف عورته كما صنع زميله ابن العاص من قبل، فصرت علي (ع) وجهه عنه ضاحكا، وبهذه المناسبة يقول بعض الشعراء لأهل الشام:
أفي كل يوم فارس تندبونه له عورة وسط العجاجة بادية يكف لها عنه علي سنانه ويضحك منها في الخلاء معاوية فقولا لعمرو ثم بسر ألا انظرا سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية (1) ومنهم عمرو بن العاص المستشار الأول لمعاوية الذي ساهم في جميع الفتن والحروب الدامية التي اثارها ابن هند ضد علي (ع) لقاء مصر وخراجها ما دام حيا، وتم له الاستيلاء على مصر بعد فشل مؤتمر التحكيم الذي أنتجته معركة صفين، والتي لعب فيها ابن العاص دورا بارزا إلى جانب معاوية بن أبي سفيان، وكان يردد في مرضه الذي مات فيه لقد أصلحت من دنياي قليلا وأفسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمختنق بين السماء والأرض لا أرقى بيدين، وأهبط برجلين (2).
قال ذلك ابن النابغة وهو على فراش الموت حيث لا يجديه الندم، ولا تنفعه التوبة، وكيف يجديه ذلك وقد أراق الدماء وأشعل الفتن، وافتعل لمعاوية المكائد والحيل، وأغرى آلاف الناس بتلك الفتن العمياء التي تزعمها هو وسيده ابن أبي سفيان، وعانى المسلمون من آثارها المصائب والويلات زمنا طويلا، وقبل ذلك شاغب على عثمان وأغرى الناس