من مراكز الدولة لعلم ينفذون منه ولو في المستقبل إلى تحقيق شئ من أهدافهم المعادية للاسلام، وظل هو وولده يتملقون إلى الخليفة الثاني حتى ولاهما الشام وجهاتها على التعاقب، ولكنه استطاع بحكمته وحنكته ان يحدد تصرفاتهما وان يفرض عليهما هيبته طيلة حياته، ومع ذلك فقد بعثت هذه الولاية التي استمرت عشرين عاما الامل في نفس معاوية والأسرة الأموية في أن يصبح الحاكم المطلق في مستقبل حياته الذي يصدر الأوامر من على منبر الشام لجميع الأقطار وبالفعل بدأ هذا الامل يشع ويتسع في نفس معاوية ويسري في دمه وعروقه وبخاصة عندما انتهت الخلافة الاسلامية إلى قريبه عثمان فغمرت معاوية وأباه نشوة الفرح، واستعاد الشيخ العجوز نشاطه، فخرج من وكره يدب على عصاه متجها إلى قبر حمزة بن عبد المطلب يرفسه برجله، وهو يقول: قم يا أبا عمارة ان الذي تقاتلنا عليه أصبح بيد صبياننا، ومن ثم انطلق به قائده نحو المسجد ليقول كلمته التي تنبع من أعماق قلبه، والغي كتمها طيلة هذه المدة خوفا من سطوة الاسلام، تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار ولا حساب ولا عقاب - قال ذلك: وهو يظن أن المسجد خال من كل انسان، الا من أسرته، ولولا أن عليا (ع) قد فأجابه بقوله:
أعمى الله بصيرتك كما أعمى بصرك، لأظهر أكثر من ذلك مما تنطوي عليه نفسه الحاقدة المشركة ولكن صوت الحق الذي أخرس أسلافه في بدر والأحزاب زعزع كيانه، فلاذ بالفرار إلى وكره معتصما فيه حتى مضى إلى ربه، وفي أعماق نفسه لا جنة ولا نار ولا حساب ولا عقاب، وبقي الولد الطموح أميرا على الشام يجد في تحقيق آماله وأمانيه وتوالت الاحداث لمصلحته واستفاد من نقمة المسلمين على قريبه عثمان أكثر من اي انسان، فتقاعد عن نصرته، مع أنه يملك من العدة والعدد ما يسهل عليه الخروج من تلك الأزمة (لو أنه) أسرع إلى نجدته منذ ان استغاث