ولمعاوية وأنصاره، كما يرى ذلك واصل بن عطاء، بينما يورد عمرو بن عبيد، الزعيم الثاني للمعتزلة بعد واصل انهم جميعا قد خرجوا عن العدالة ولا تصح شهادتهم على باقة بقل، على حد تعبيره.
وجاء في الفرق بين للبغدادي. ان أبا الهذيل العلاف، والجاحظ، وأكثر القدرية على رأي واصل بن عطاء في علي (ع) وطلحة والزبير وعائشة وغيرهم ممن اشترك في الحروب والخصومات في تلك الفترة من تاريخ الاسلام.
ومهما كان الحال فالمحدثون والفقهاء من المنتسبين إلى المذاهب الأربعة الا ما شذ منهم متفقون على عدالة الصحابة وعدم التوقف في مروياتهم عن الرسول (ص) ورجحان الاقتداء بهم في أمور الدين وغيرها، ولم يعرف الخلاف في ذلك الا من بعض المتأخرين، كالشيخ صالح مهدي المقبلي، المتوفى في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، والشيخ محمد عبدو، والشيخ رشيد رضا، وغيرهم، ولكن هؤلاء وان كانوا من اعلام السنة، ولكنهم لا يمثلون الا أنفسهم في هذه المسألة.
قال الأستاذ محمود أبو رية: وإذا كان الجمهور على أن الصحابة كلهم عدول، ولم يقبلوا الجرح والتعديل فيهم كما قبلوه في سائر الرواة، واعتبروهم جميعا معصومين عن الخطأ والسهو والنسيان، فان هناك كثير من المحققين لم يأخذوا بهذه العدالة المطلقة لجميع الصحابة، وإنما قالوا: كما قال العلامة المقبلي: انها أغلبية لا عامة، وانه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من الغلط والنسيان والسهو والهوى، ويؤيدون رأيهم بان الصحابة ان هم الا بشر يقع منهم ما يقع من غيرهم، مما يرجع إلى الطبيعة البشرية، ويعززون حكمهم بما وقع، في عهده من المنافقين والكذابين وبما وقع بعده من الحروب والفتن والخصومات التي لا تزال اثارها إلى اليوم، وستبقى إلى ما بعد هذا اليوم (1).