وعلى وعدهم بالمغفرة والجنان. التي أعدها الله للمؤمنين العاملين، قد استدل الجمهور من السنة على عدالة الصحابة وانهم فوق الشبهات والأهواء (وان بساطهم قد طوي) وليس لاحد ان يتردد في شئ من تصرفاتهم وأعمالهم على حد تعبير بعض المحدثين من السنة والذي الا يمكن التنكر له، هو ان هذه الآيات ونظائرها تدل دلالة واضحة لا تقبل الجدل والتشكيك على أن لبعضهم من القداسة وعلو المنزلة ما ليس لأحد من الناس وبخاصة من اشترك معه في حروبه وغزواته، وضحى في سبيل تسلك الدعوة بالمال والنفس والأولاد، وأخلص له في السر والعلانية، هؤلاء لا يجحد فضلهم الا كل معاند لا يؤمن بيوم الحساب، اما ثبوت العدالة والقداسة لكل من رآه أو سمع حديثه، أو أدرك عصره ولو طفلا صغيرا مهما صنع بعد ذلك من المنكرات واقترف من الذنوب والآثام كما جرى ذلك لكثير منهم، فهو نوع من التهويش والتضليل الذي لا يقره المنطق بل ولا العقل، ولا تؤيده تلك النصوص ولو من بعيد، ذلك لان من وصفهم الله بتلك الآيات بالشدة على الكفار والركوع والسجود والهجرة والجهاد وغير ذلك من الأوصاف لا ينكر أحد فضلهم، ولا يتردد في عدالتهم، ومن المعلوم ان الذين عاصروا الرسول ورووا حديثه، بل وحتى الذين ناصروا دعوته لم تتوفر في أكثرهم تلك الصفات التي اشتملت عليه الآيات الكريمة، بل من بينهم المنافق والفاسق والمتخاذل والمتستر بالاسلام خوفا أو طمعا، ومن ينتظر الفرص ويراقب الظروف ويهيئ المناسبات ليقوم بدوره في وجه تلك الدعوة المباركة، ولو بالفتك بالرسول إذا اقتضى الامر، كما أشار القرآن نفسه إلى ذلك في بعض آياته، هذا بالإضافة إلى أن المتتبع لسير الحوادث، وتاريخ الصحابة في حياة الرسول وبعد وفاته لا يرتاب في أن الذين عاصروا الرسول بل وحتى الذين كانوا ألصق به من جيع الناس لم يلتزموا سيرته وسنته وساقتهم الأهواء إلى ممارسة ما استطاعوا من الملذات
(٧٥)