يضطر إليه الانسان، إذ بمقتضى تلك النصوص انه لابد من الاضطرار حتى يسوغ للمكلف الاتيان بالعمل على جهة التقية.
ولو افترضنا ان المكلف يتمكن من تخليص نفسه ولو بالذهاب إلى بيته لأداء فريضته، أو بطريق اخر لا عسر فيه ولاحرج عليه في سلوكه لا يصدق الاضطرار المسوغ للامتثال على وجه التقية.
قال الشيخ مرتضى الأنصاري: فمراعاة عدم المندوحة في الجزء الأول من الزمان الذي يوقع فيه الفعل أقوى مع أنه أحوط، نعم تأخير الفعل عن أول وقته لتحقق الامن والسلامة وارتفاع الخوف مما لا دليل عليه، بل الاخبار بين ظاهر وصريح بخلافه (1).
وقد تبين من جميع ما ذكرناه ان موارد التقية لابد فيها من الخوف على النفس أو المال من الغير القادر على الاضرار، سواء كان مسلما أو غيره، بل وحتى لو كان من المنتسبين إلى التشيع، وإذا كان المكلف متمكنا من التهرب من الضرر في الزمان الأول لا يصدق الاضطرار المسوغ للاتيان بالعمل الناقص أو المخالف لمذهبه، وتؤكد أكثر النصوص انها اي التقية واسعة لا تختص بأمر دون اخر، فكل شئ يضطر إليه الانسان يتعين عليه مجاراة الغير فيه من غير فرق بين الأصول والفروع، وليس شئ أدل على ذلك من موقف المسلمين الأولين مع مشركي مكة الذين كانوا يعذبون على الاسلام ويظهرون الشرك بألسنتهم وقلوبهم عامرة بالايمان بالله ونبوة محمد (ص).
ويؤكد ذلك ما جاء عن أمير المؤمنين (ع) في بعض وصاياه لأصحابه، قال: وأمرك ان تستعمل التقية في دينك، فان الله سبحانه قال: