إلى غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تؤكد مشروعيتها وتفرض على المكلفين استعمالها في كل شئ يضطر إليه الانسان من يخر فرق بين الأصول والفروع، الا إذا توقف التخلص من ضرر المغير على قتل انسان مثلا، فلا تقية في مثل ذلك، لأنها شرعت للتخلص من الضرر، فإذا لزم من استعمالها ضرر مماثل أو أقوى من الضرر الذي توعد به الظالم فلا تحصل الغاية المطلوبة منها.
وقد جاء في رواية شعيب الحداد عن محمد بن مسلم ان أبا جعفر الباقر (ع) قال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغ الدم فلا نقية حينئذ.
وقد تحدث الفقهاء عن التقية في مختلف المواضيع من الفقه حسب المناسبات وألفوا فيها الرسائل المستقلة التي تحدد موضوعها ومواردها، حسب الزمان والمكان والأشخاص.
ومع أنها من الضرورات التي يفرضها العقل، بالإضافة إلى الشرع الذي حث عليها كتابا وسنة، مع أنها كذلك فقد تعرض الشيعة منذ العصور الأولى لأعنف الهجمات وأسوأ الاتهامات لأنهم يستعملونها حفظا لدمائهم وصونا لأعراضهم كما يلتجئ غيرهم لذلك عندما تلجئه الضرورات لمجاراة الغير تهربا من ضرره من حيث لا يشعرون.
ان فكرة التقية ليست من مختصات الشيعة، ولا من مخترعاتهم، فالانسان بطبعه مفطور على التهرب من الضرر بما يملك من الوسائل التي تهيئ له السلامة، وعندما يرى نفسه عاجزا عن دفعه بالقوة وبغيرها من وسائل الدفاع، يفطر إلى مجارات من يخاف ضرره والتسليم له في الفعل والقول، وقد أقر الاسلام هذا الأسلوب من أساليبه الدفاع عن النفس منذ ان بزغ فجره يوم كان المسلمون الأولون يتعرضون للأذى والتهذيب