نحن نعلم أن معظم سكان البصرة كان من ربيعة ومضر، من عرب الشمال، وأن معظم سكان الكوفة من قبائل اليمن، من عرب الجنوب (1). وقد رأينا في فصل سابق أن عرب الجنون يكونون العدد الأكبر من ثوار كربلاء.
نرجح أن تكون جميع هذه العوامل قد اشتركت في صياغة موقف البصريين من الثورة.
لقد كان زعماء البصرة يفكرون بلا شك في مركزهم في الدولة والمجتمع. وطالما تنازع البصريون مع الكوفيين حول حق الفتح لهذا البلد أو ذاك. وكانوا يفكرون بأن أي نجاح للثورة فإنما هو نجاح للكوفة التي ستكون قاعدة الدولة. وكان الكوفيون أكثر وعيا لضرورة التغيير نتيجة للثقافة التي نشأوا في ظلها في عهد الإمام علي ونتيجة لشعورهم بالتقصير في القيام بواجبهم في الدفاع عن حكومة الإمام علي ونهجه السياسي، هذا التقصير الذي أدى إلى انتصار معاوية وانتقامه من الكوفة (وهنا نلاحظ أن كثرة عرب الجنوب في الثورة تعود إلى كونهم أكثر وعيا - بسبب كونهم في الكوفة، كانوا أكثر اتصالا بالامام وتأثرا بافكاره وتعاليمه لا إلى أسباب تتصل بالعوامل القبلية) وكان جمهور القبائل البصرية التي اشتركت في معركة الجمل ضد الإمام علي يذكره قتلاه، ويتجاوب مع مشاعره التي تبعثها هذه الذكرى.