أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢٢٢
ولكنهم كانوا - كما قلنا - يعانون من شلل نفسي يعطل ثوريتهم عن العمل.
ومن أدلة هذا الشلل النفسي الذي يدفع إلى الالتواء في مواجهة الاحداث، ويمنع عن الحزم والحسم في إنجاز المهمات محاولة شريك بن الأعور - الزعيم البصري الشيعي الكبير - أن يحمل مسلما على اغتيال عبيد الله بن زياد عندما يعود شريكا في مرضه واعدا مسلما بقوله: (فإن برئت من وجعي هذا أيامي هذه سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها) (1)، كأن نجاح الثورات ينتظر شفاء قادتها من أمراضهم - ومسلم في مركزه المعنوي هو الزعيم والقائد - وقد كان شريك يستطيع أن يوكل هذه المهمة إلى أي رجل آخر.
ومن أدلة هذا الشلل النفسي في الحجاز وغيره هذه النصائح الكثيرة التي تلقاها الحسين بألا يخرج، وهي تجمع على أن خروجه مشروع، ولكنها تنهاه عن مواجهة بني أمية، وتنصحه بالتوجه إلى مكان غير بؤرة الثورة في العراق.
ونضيف هنا إلى النصائح التي قدمناها في فصل سابق نصيحة عبد الله بن مطيع العدوي له بألا يعرض لبني أمية: (أذكرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنتهك، أنشدك الله في حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله أنشدك الله في حرمة العرب، فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابون بعدك أحد أبدا. والله إنها لحرمة الاسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل، ولا تأت الكوفة، ولا تعرض لبني أمية) (2) هذا الكلام المشحون بالانفعال والتوتر والخوف

(1) الطبري: 5 / 363.
(2) الطبري: 5 / 395 - 396.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة