ربكم الأعلى " (1) وهو الذي كانت تستذله آيات موسى يوما بعد يوم من طوفان وجراد وقمل وضفادع وغير ذلك.
وقوله تعالى: " إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا " (2) وقوله: " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا - إلى أن قال: - فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير " (3) فلم يهزهزه (صلى الله عليه وآله) شدة الأمر والهول والفزع في يوم الخوف أن يذكر أن ربه معه ولم تنجذب نفسه الشريفة إلى ما كان يهدده من الأمر، وكذا ما أسر به إلى بعض أزواجه في الخلوة في اشتماله على رعاية الأدب في ذكر ربه.
وعلى وتيرة هذه النماذج المنقولة تجري سائر ما وقع في قصصهم (عليهم السلام) في القرآن الكريم من الأدب الرائع والسنن الشريفة، ولولا أن الكلام قد طال بنا في هذه الأبحاث لاستقصينا قصصهم وأشبعنا فيها البحث.
8 - أدب الأنبياء (عليهم السلام) مع الناس في معاشرتهم ومحاورتهم، مظاهر هذا القسم هي الاحتجاجات المنقولة عنهم في القرآن مع الكفار، والمحاورات التي حاوروا بها المؤمنين منهم، ثم شئ يسير من سيرتهم المنقولة.
أما الأدب في القول فإنك لا تجد فيما حكي من شذرات أقوالهم مع العتاة والجهلة أن يخاطبوهم بشئ مما يسوؤهم أو شتم أو إهانة أو إزراء، وقد نال منهم المخالفون بالشتم والطعن والاستهزاء والسخرية كل منال فلم يجيبوهم إلا بأحسن القول وأنصح الوعظ معرضين عنهم بسلام " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " (4).
قال تعالى: " فقال الملأ الذين كفروا من قومه - يعني قوم نوح - ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني