وحنقا لا يصرفه ذلك عن رعاية الأدب في ذكر ربه.
وقوله تعالى: " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون " (1) وقوله تعالى:
" قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين * قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين " (2) يذكر يوسف في خلاء المراودة الذي يملك من الإنسان كل عقل، ويبطل عنده كل حزم لا يشغله ذلك عن التقوى ثم عن رعاية الأدب في ذكر ربه ومع غيره.
وقوله تعالى: " فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " (3) وهذا سليمان (عليه السلام) وقد أوتي من عظيم الملك ونافذ الأمر وعجيب القدرة أن أمر بإحضار عرش ملكة سبأ من سبأ إلى فلسطين فاحضر في أقل من طرفة عين فلم يأخذه كبر النفس وخيلاؤها، ولم ينس ربه، ولم يمكث دون أن أثنى على ربه في ملائه بأحسن الثناء.
وليقس ذلك إلى ما ذكره الله من قصة نمرود مع إبراهيم (عليه السلام) إذ قال: " ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت " (4) وقد قال ذلك إذ احضر رجلين من السجن فأمر بقتل أحدهما وإطلاق الآخر.
أو إلى ما ذكره فرعون مصر إذ قال كما حكاه الله: " يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين * فلولا القي عليه أسورة من ذهب " (5) يباهي بملك مصر وأنهاره ومقدار من الذهب كان يملكه هو وملأه ولا يلبث دون أن يقول كما حكى الله: " أنا