سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٨٦
من الإيمان بالحق مطرودا هالكا، إلى غير ذلك من الموارد.
فهذه كلها من رعاية الأدب في جنب الحق واتباعه، ولا مطلوب أعز منه ولا بغية أشرف منه وأغلى، وإن كان في بعضها ما ينافي الأدب الدائر بين الناس لابتناء حياتهم على اتباع جانب الهوى والسلوك إلى أمتعة الحياة بمداهنة المبطلين والخضوع والتملق إلى المفسدين والمترفين سياسة في العمل.
وجملة الأمر أن الأدب كما تقدم في أول هذه المباحث إنما يتأتى في القول السائغ والعمل الصالح، ويختلف حينئذ باختلاف مسالك الحياة في المجتمعات والآراء والعقائد التي تتمكن فيها وتتشكل هي عنها، والدعوة الإلهية التي يستند إليها المجتمع الديني إنما تتبع الحق في الاعتقاد والعمل، والحق لا يخالط الباطل ولا يمازجه ولا يستند إليه ولا يعتضد به، فلا محيص عن إظهاره واتباعه، والأدب الذي يتأتى فيه أن يسلك في طريق الحق أحسن المسالك ويتزيى فيه بأظرف الأزياء كاختيار لين القول إذا صح أن يتكلم بلينة وخشونة، واختيار الاستعجال في الخير إذا أمكن فيه كل من المسارعة والتبطي.
وهذا هو الذي يأمر به في قوله تعالى: " وكتبنا له - أي لموسى - في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها " (1) وبشر عباده الآخذين به في قوله: " فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب " (2) فلا أدب في باطل ولا أدب في ممزوج من حق وباطل، فإن الخارج من صريح الحق ضلال لا يرتضيه ولي الحق وقد قال: " فماذا بعد الحق إلا الضلال " (3).
وهذا هو الذي دعا أنبياء الحق إلى صراحة القول وصدق اللهجة، وإن كان ذلك في بعض الموارد مما لا ترتضيه سنة المداهنة والتساهل والأدب الكاذب الدائر في المجتمعات غير الدينية.

(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399