ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " (1) فلا مساهلة ولا ملابسة ولا مداهنة في حق ولا حرمة لباطل.
ولذلك جهز الله سبحانه رجال دعوته وأولياء دينه وهم الأنبياء (عليهم السلام) بما يسهل لهم الطريق إلى اتباع الحق ونصرته، قال تعالى: " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا * الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا " (2) فأخبر أنهم لا يتحرجون فيما فرض الله لهم ويخشونه ولا يخشون أحدا غيره، فليس أي مانع من إظهارهم الحق ولو بلغ بهم أي مبلغ وأوردهم أي مورد.
ثم وعدهم النصر فيما انتهضوا له فقال: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون " (3) وقال: " إنا لننصر رسلنا " (4).
ولذلك نجدهم فيما حكي عنهم لا يبالون شيئا في إظهار الحق وقول الصدق وإن لم يرتضه الناس واستمروه في مذاقهم، قال تعالى حاكيا عن نوح يخاطب قومه: " ولكني أراكم قوما تجهلون " (5) وقال عن قول هود: " إن أنتم إلا مفترون " (6) وقوله لقومه: " قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان " (7) وقال تعالى يحكي عن لوط: " بل أنتم قوم مسرفون " (8) وحكى عن إبراهيم من قوله لقومه:
" أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون " (9) وحكى عن موسى في جواب قول فرعون له: " إني لأظنك يا موسى مسحورا * قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا " (10) أي ممنوعا