سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٧٧
محكيا عن لسان حالهم، وإن أمكن أن يكون ذلك مما قاله آخرون بلسان قائلهم، أو يكون النبي (صلى الله عليه وآله) هو القائل ذلك مشافها ربه عن نفسه الشريفة وعن المؤمنين، لأنهم بإيمانهم من فروع شجرة نفسه الطيبة المباركة.
والآيتان تشتملان على ما هو كالمقايسة والموازنة بين أهل الكتاب وبين مؤمني هذه الأمة من حيث تلقيهم ما انزل إليهم في كتاب الله، وإن شئت قلت: من حيث تأدبهم بأدب العبودية تجاه الكتاب النازل إليهم، فإنه ظاهر ما أثنى الله سبحانه على هؤلاء وخفف الله عنهم في الآيتين بعين ما وبخ أولئك عليه وعيرهم به في الآيات السابقة من سورة البقرة، فقد ذم أهل الكتاب بالتفريق بين ملائكة الله فأبغضوا جبريل وأحبوا غيره، وبين كتب الله المنزلة فكفروا بالقرآن وآمنوا بغيره، وبين رسل الله فآمنوا بموسى أو به وبعيسى وكفروا بمحمد (صلى الله عليه وآله) وعليهم، وبين أحكامه فآمنوا ببعض ما في كتاب الله وكفروا ببعض، والمؤمنون من هذه الأمة آمنوا " بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ".
فقد تأدبوا مع ربهم بالتسليم لما أحقه الله من المعارف الملقاة إليهم، ثم تأدبوا بالتلبية لما ندب الله إليه من أحكامه إذ قالوا: " سمعنا وأطعنا " لا كقول اليهود:
" سمعنا وعصينا " (1) ثم تأدبوا فعدوا أنفسهم عبادا مملوكين لربهم لا يملكون منه شيئا ولا يمتنون عليه بإيمانهم وطاعتهم فقالوا: " غفرانك ربنا " لا كما قالت اليهود:
" يغفر لنا " وقالت: " إن الله فقير ونحن أغنياء " (2) وقالت: " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " (3) إلى غير ذلك من هفواتهم.
ثم قال الله سبحانه: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " فإن التكليف الإلهي يتبع بحسب طبعه الفطرة التي فطر الناس عليها، ومن المعلوم أن الفطرة التي هي نوع الخلقة لا تدعو إلا إلى ما جهزت به، وفي ذلك سعادة الحياة البتة.

(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399