سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٨٧
ومن أدبهم مع الناس في معاشرتهم وسيرتهم فيهم احترام الضعفاء والأقوياء على حد سواء، والإكثار والمبالغة في حق أهل العلم والتقوى منهم، فإنهم لما بنوا على أساس العبودية وتربية النفس الإنسانية تفرع عليه تسوية الحكم في الغني والفقير، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والمولى والعبد، والحاكم والمحكوم، والأمير والمأمور، والسلطان والرعية، وعند ذلك لغى تمايز الصفات، واختصاص الأقوياء بمزايا اجتماعية، وبطل تقسم الوجدان والفقدان، والحرمان والتنعم، والسعادة والشقاء، بين صفتي الغنى والفقر، والقوة والضعف، وأن للقوي والغني من كل مكانة أعلاها، ومن كل عيشة أنعمها، ومن كل مجاهدة أروحها وأسهلها، ومن كل وظيفة أخفها، بل كان الناس في ذلك شرعا سواء، قال، " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (1) وتبدل استكبار الأقوياء بقوتهم ومباهاة الأغنياء بغنيتهم تواضعا للحق، ومسارعة إلى المغفرة والرحمة، وتسابقا في الخيرات، وجهادا في سبيل الله، وابتغاء لمرضاته.
واحترم حينئذ للفقراء كما للأغنياء، وتؤدب مع الضعفاء كما مع الأغنياء، بل اختص هؤلاء بمزيد شفقة ورأفة ورحمة، قال الله تعالى يؤدب نبيه (صلى الله عليه وآله): " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " (2) وقال تعالى: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين " (3) وقال: " لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين. وقل إني أنا النذير المبين " (4).
ويشتمل على هذا الأدب الجميل ما حكاه الله من محاورة بين نوح (عليه السلام)

(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399