سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٥٣
أن ذلك كيف يمكن في بلد لو اتفق أن يسكن فيه المؤمنون والكفار معا واختلفوا، أو إذا قطن فيه الكفار فقط؟ وكيف يرزقون من الثمرات والأرض بطحاء غير ذي زرع؟ فلم يتعرض له في مسألته.
وهذا من أدبه (عليه السلام) في مقام الدعاء فإن من فضول القول أن يعلم الداعي ربه كيف يقضي حاجته؟ وما هو الطريق إلى إجابة مسألته؟ وهو رب عليم حكيم قدير إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
لكن الله سبحانه إذ كان يريد أن يقضي حاجته على السنة الجارية في الأسباب العادية ولا يفرق فيها بين المؤمن والكافر تمم دعاءه (عليه السلام) بما قيد به كلامه من قوله: " ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ".
وهذا الدعاء الذي أدى إلى تشريع الحرم الإلهي وبناء الكعبة المقدسة التي هي أول بيت وضع للناس ببكة مباركا وهدى للعالمين هو إحدى ثمرات همته العالية المقدسة التي امتن به على من بعده من المسلمين إلى يوم القيامة.
ومما دعا (عليه السلام) دعاؤه في آخر عمره على ما حكاه الله تعالى بقوله: " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم * ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون * ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شئ في الأرض ولا في السماء * الحمد الله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء * رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء * ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " (1).
وهذا مما دعا (عليه السلام) به في أواخر عمره الشريف وقد بنيت بلدة مكة، والدليل عليه قوله فيه: " الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق " وقوله:

(1) إبراهيم: 35 - 41.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399