سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٥٠
أمره ولم ييأس بعد من إيمان أبيه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.
وقد بدأ فيه بالثناء على ربه ثناء جميلا على ما هو أدب العبودية وهذا أول ثناء مفصل حكاه الله سبحانه عنه (عليه السلام) وما حكى عنه قبل ذلك ليس بهذا النحو كقوله: " يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " (1) وقوله لأبيه: " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " (2).
وقد استعمل (عليه السلام) من الأدب في ثنائه أن أتى بثناء جامع أدرج فيه عناية ربه به من بدء خلقه إلى أن يعود إلى ربه، وأقام فيه نفسه مقام الفقر والحاجة كلها، ولم يذكر لربه إلا الغنى والجود المحض، ومثل نفسه عبدا داخرا لا يقدر على شئ، وتقلبه المقدرة الإلهية حالا إلى حال من خلق ثم إطعام وسقي وشفاء عن مرض ثم إماتة ثم إحياء ثم إشخاص إلى جزاء يوم الجزاء، وليس له إلا الطاعة المحضة والطمع في غفران الخطيئة.
ومن الأدب المراعى في بيانه نسبة المرض إلى نفسه في قوله: " وإذا مرضت فهو يشفين " لما أن نسبته إليه تعالى في مثل المقام وهو مقام الثناء لا يخلو عن شئ، والمرض وإن كان من جملة الحوادث وهي لا تخلو عن نسبة إليه تعالى، لكن الكلام ليس مسوقا لبيان حدوثه حتى ينسب إليه تعالى، بل لبيان أن الشفاء من المرض من رحمته وعنايته تعالى، ولذلك نسب المرض إلى نفسه والشفاء إلى ربه بدعوى أنه لا يصدر منه إلا الجميل.
ثم أخذ في الدعاء واستعمل فيه من الأدب البارع أن ابتدأ باسم الرب وقصر مسألته على النعم الحقيقية الباقية من غير أن يلتفت إلى زخارف الدنيا الفانية، واختار مما اختاره ما هو أعظم وأفخم، فسأل الحكم وهو الشريعة واللحوق بالصالحين، وسأل لسان صدق في الآخرين وهو أن يبعث الله بعده زمانا بعد زمان وحينا بعد حين من يقوم بدعوته ويروج شريعته، وهو في الحقيقة سؤال أن يخصه بشريعة باقية إلى يوم القيامة، ثم سأل وراثة الجنة ومغفرة أبيه وعدم الخزي يوم

(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 95
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 115
7 الملحقات (106 أحاديث) 126
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 145
9 الملحقات (21 حديثا) 153
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 159
11 الملحقات (22 حديثا) 165
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 171
13 الملحقات (16 حديثا) 179
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 183
15 الملحقات (16 حديثا) 187
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 191
17 الملحقات (10 أحاديث) 195
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 199
19 الملحقات (32 حديثا) 203
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 211
21 الملحقات (48 حديثا) 225
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 233
23 الملحقات (7 أحاديث) 239
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 243
25 الملحقات (22 حديثا) 249
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 255
27 الملحقات (11 حديثا) 259
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 263
29 الملحقات (5 أحاديث) 267
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 269
31 الملحقات (6 أحاديث) 275
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 279
33 الملحقات (3 أحاديث) 283
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 285
35 الملحقات (74 حديثا) 303
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 317
37 الملحقات (17 حديثا) 323
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 327
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 331
40 الملحقات (6 أحاديث) 335
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 339
42 الملحقات (15 حديثا) 345
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 349
44 الملحقات (52 حديثا) 371
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 391
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 395
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 399