الخ " ولم يقل: " أعوذ بك من سؤال ما ليس لي به علم " لتدل إضافة المصدر إلى فاعله وقوع الفعل منه.
" لا تسألن... الخ " ولو كان سأله لكان من حق الكلام أن يقابل بالرد الصريح أو يقال مثلا: " لا تعد إلى مثله " كما وقع نظيره في موارد من كلامه تعالى كقوله:
" قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني " (1) وقوله: " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم - إلى أن قال: - يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " (2).
ومن دعاء نوح (عليه السلام) ما حكاه الله تعالى بقوله: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا " (3) حكاه الله تعالى عنه في آخر سورة نوح بعد آيات كثيرة أوردها في حكاية شكواه (عليه السلام) الذي بثه لربه فيما جاهد به من دعوة قومه ليلا ونهارا فيما يقرب من ألف سنة من مدى حياته، وما قاساه من شدتهم وكابده من المحنة في جنب الله سبحانه، وبذل من نفسه مبلغ جهدها، وصرف منها في سبيل هدايتهم منتهى طوقها فلم ينفعهم دعاؤه إلا فرارا، ولم يزدهم نصحه إلا استكبارا.
ولم يزل بعد ما بثه فيهم من النصيحة والموعظة الحسنة وقرعه أسماعهم من الحق والحقيقة، ويشكو إلى ربه ما واجهوه به من العناد والإصرار على الخطيئة، وقابلوه به من المكر والخديعة حتى هاج به الوجد والأسف وأخذته الغيرة الإلهية فدعا عليهم فقال: " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " (4).
وما ذكره من إضلالهم عباد الله إن تركهم الله على الأرض هو الذي ذكره عنهم في ضمن كلامه السابق المحكي عنه: " وقد أضلوا كثيرا " وقد أضلوا كثيرا من المؤمنين به فخاف إضلالهم الباقين منهم، وقوله: " ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " إخبار ببطلان استعداد أصلابهم وأرحامهم أن يخرج منها مؤمن، ذكره - وهو من