أخبار الغيب - عن تفرس نبوي ووحي إلهي.
وإذا دعا على الكافرين لغيرة إلهية أخذته، وهو النبي الكريم أول من جاء بكتاب وشريعة، وانتهض لإنقاذ الدنيا من غمرة الوثنية ولم يلبه من المجتمع البشري إلا قليل - وهو قريب من ثمانين نسمة على ما في الأخبار - فكان من أدب هذا الموقف أن لا ينسى المؤمنين بربه الآخذين بدعوته، ويدعو لهم إلى يوم القيامة بالخير.
فقال: " رب اغفر لي " فبدأ بنفسه لأن الكلام في معنى طلب المغفرة لمن يسلك سبيله فهو إمامهم وأمامهم " ولوالدي " وفيه دليل على إيمانهما " ولمن دخل بيتي مؤمنا " وهم المؤمنون به من أهل عصره " وللمؤمنين والمؤمنات " وهم جميع المؤمنين أهل التوحيد فإن قاطبتهم أمته، ورهن منته إلى يوم القيامة، وهو أول من أقام الدعوة الدينية في الدنيا بكتاب وشريعة، ورفع أعلام التوحيد بين الناس، ولذلك حياه الله سبحانه بأفضل تحيته إذ قال: " سلام على نوح في العالمين " (1) فعليه السلام من نبي كريم كلما آمن بالله مؤمن، أو عمل له بعمل صالح، وكلما ذكر لله عز اسمه اسم، وكلما كان في الناس من الخير والسعادة رسم، فذلك كله من بركة دعوته، وذنابة نهضته صلى الله عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين أجمعين.
ومن ذلك ما حكاه الله تعالى عن إبراهيم (عليه السلام) في محاجته قومه: " قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين * رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم * واغفر لأبي إنه كان من الضالين * ولا تخزني يوم يبعثون " (2).
دعاء يدعو (عليه السلام) به لنفسه، ولأبيه عن موعدة وعدها إياه، وقد كان هذا أول