شخصية، تجعل كل فرد يشرئب إلى هذا المنصب الرفيع ما هئ له ووجد مجالا لارتقائه، ولو عن غير قصد، بل عن رغبة نفسية كامنة هي غريزية لا يفطن لها صاحبها أو لا يعدها باطلا وخروجا عن محجة الصواب. بل حب النفس قد يحمله على الاعتقاد بأن زعامته أصلح للأمة وأجدى، فيوحي الهوى للنفس البرهان المقنع على صحة رأيه.
وللمعتقد أن يعتقد أن الخليفة أبا بكر تفطن إلى سوء عواقب هذا الشريع، فأسرع إلى تعيين الخليفة من بعده، بالرغم على جدة هذا التشريع الذي به كان خليفة، وعلى تركزه في النفوس تتوقف صحة خلافته. كيف لا وقد شاهد هو الموقف في بيعته يوم السقيفة، وكان أدق من سم الخياط، مع غفلة الناس يومئذ عن الأمر، وانشغالهم بفاجعة نبيهم.
وهكذا حذا حذوه خليفته، فاخترع طريقة الشورى من ستة أشخاص، وهي تبعد كل البعد عن قاعدة الرجوع إلى اختيار أهل الحل والعقد، على أن وجدنا هؤلاء - وهم ستة لا غير - لم يتفقوا على رأي واحد، فلعبت دورها التحيزات والعواطف، فصغى رجل لضغنه، ومال الآخر لصهره، على حد تعبير الإمام علي بن أبي طالب.
ولا شك لم يخف على الخليفة عمر استحالة حتى اتفاق الجماعة الصغيرة، فحكم فيها الأكثرية، وعند التساوي فالكفة الراجحة التي فيها عبد الرحمن بن عوف. ومع ذلك