حوصر وأيس من الحياة، لما تأخر عن تعيين من يخلفه قطعا.
ولكن الموقف كان أبعد من أن يتحكم عليه بمثل ذلك، وهو محاط به ليخلع.
ومما يزيدنا اعتقادا بعقم هذا الحل لمشكلتنا الاجتماعية الخطيرة، إنا لم نعرف خليفة تعين بهذه الطريقة إلا أبا بكر وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر كانت بيعته فتنة أو فلتة وقى الله شرها على حد تعبير عمر عنها وهو نفسه الذي شيد أركانها، ومع ذلك قال عنها: (فمن دعا إلى مثلها فهو الذي لا بيعة له ولا لمن بايعه) (1).
أما علي عليه السلام، فبعد تمام البيعة له (الشرعية بنظر أصحاب هذا الرأي) قد وجدنا كيف انتفض عليه نفس أهل الحل والعقد، والإسلام بعد لم يرث والعهد قريب، وهؤلاء المنتقضون هم جلة الصحابة. فكانت حرب الجمل فحرب صفين اللتان أريقت بهما آلاف الدماء المحرمة هدرا، وانتهكت فيهما حرمات الشريعة، وشلت بهما حركة الدين الإسلامي.
ولم نعرف بعد ذلك خليفة تعين إلا بتعيين من قبله أو بحد السيف، ولقد لعب السيف دورا قاسيا جعل العالم الإسلامي يمخر في بحر من الدماء. ولم يجرئ الطامعين بالخلافة على