في تقرير شؤون الخلافة لا يدعي أنه شرع قانون الأكثرية لأنه ليس لهذه الدعوى شاهد في زبر الأولين، على أنه - كما ذكرنا - لا يسلم من الخطأ، فلا يسوغ لنا أن ننسبه إلى من لا ينطق إلا عن وحي ولا يريد إلا الحق.
وإذا ادعى أنه أوكل الأمر إلى اتفاق أمته واختيارهم جميعا، فمن خطل الرأي، إلا إذا جوزنا عليه أن يطلب المستحيل أو تعمد إيقاع أمته في منازعات دائمية تفضي إلى إزهاق النفوس وإضعاف القوى المادية والأدبية، ثم إلى ضعف كلمة الإسلام في الأرض.
فتلخص أن هذا التشريع أعني تشريع تعيين الإمام بالانتخاب لا يصح لنا أن ننسبه إلى منقذ البشرية من الضلالة إلى الهدى الذي لا ينطق إلا عن وحي، سواء فسرناه بالأكثرية أو باتفاق الجميع.
* * * ومهما حاولنا إصلاح هذا التشريع بتفسير الأمة بأهل الحل والعقد منها خاصة، فلا أجد هذه المحاولة تسلم من ذلك النقص البارز فإن أهل الحل والعقد وكبار الأمة هم بؤرة الخلاف والنزاع. فإن الخاصة مع اختلاف نفوسهم وتباين نزعاتهم كسائر الناس، لا ينفكون عن تحيزات فيهم أعظم منها في غيرهم. ويندر أن يتجردوا من أهواء نفسية وأغراض